- 102 - ذكر أمور متفرقة


ما نزل من القرآن بالمدينة

- نزل على رسول الله بالمدينة من القرآن اثنتان وثلاثون سورة . أول ما نزل ويل للمطففين ثم سورة البقرة ثم سورة الأنفال ثم سور آل عمران ثم الحشر ثم سورة الأحزاب ثم سورة النور ثم الممتحنة ثم إنا فتحنا لك ثم سورة الحج ثم سورة الحديد ثم سورة محمد ثم هل أتى على الإنسان ثم سورة الطلاق ثم سورة لم يكن ثم سورة
الجمعة ثم تنزيل السجدة ثم المؤمن ثم إذا جاءك المنافقون ثم المجادلة ثم الحجرات ثم التحريم . ثم التغابن . ثن الصف . ثم المائدة . ثم براءة . ثم إذا جاء نصر الله والفتح ثم إذا وقعت الواقعة . ثم والعاديات ثم المعوذتان . وكان آخر ما نزل { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم } إلى آخر السورة وقد قيل أن آخر ما نزل عليه { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } وهي الرواية الصحيحة

مراتب الوحي

- نذكر في هذا الفصل مراتب الوحي ثم نرد على المستشرقين الذين زعموا أن رسول الله كانت تعتريه نوبات صرعية إنكارا لنزول الوحي
ولنبدأ بمراتب الوحي وهي سبعة :
- 1 - الرؤيا الصادقة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح
- 2 - ما كان يلقيه الملك في قلبه من غير أن يراه ويخلق الله فيه علما ضروريا يعلم به أنه وحي لا الهام
- 3 - خطاب الملك حين كان يتمثل له رجلا فيخاطبه حتى يعي عنه ما يقول
- 4 - كان يأتيه مخاطبا له بصوت مثل صلصلة الجرس وكان هذا النوع أشده عليه وفي حديث لابن عباس : كان صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة
- 5 - رؤية جبريل في صورته التي خلقه الله عليها فيوحى إليه
- 6 - ما أوحاه الله إليه وهو فوق السماوات من فرض الصلوات وغيرها بسماع الكلام الأزلي الذي ليس بحرف ولا صوت من غير واسطة مع الرؤية للذات المقدسة
- 7 - ما أوحاه إليه بلا واسطة أيضا بل بسماع الكلام الأزلي لكن بلا رؤية كما وفع لموسى عليه السلام
هذه هي مراتب الوحي وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعاني من الوحي شدة فظن المستشرقون أن هذه الشدة التي كانت ترى عليه إنما هي نوبة صرعية لكن أعراض الصرع المدروسة طبيا تخالف ما كان يشاهد عليه صلى الله عليه وسلم ند نزول الوحي
فالمصروع تعتريه النوبة فجأة فيقطع كلامه ويسقط من يده ما قد يكون قابضا عليه وتثبت حدقة عينه ويصفر وجهه وقد يصيح صيحة عالية ويقع مغشيا عليه كمن أطلق عليه عيار ناري ولا يبذل أي مجهود للخلاص من حالته ولهذا كثيرا ما يصاب بجروح وقد يصاب بحروق خطرة إذا سقط بالقرب من نار وتتقلص عضلات الوجه في النوبة الصرعية ومنها عضلات الفك . فيعض المصروع لسانه ويمتزج لعابه بالدم ويسيل من فمه وإذا ترك وشأنه نام ساعات فإذا أفاق شكا صداعا وارتباكا في العقل . ثم إن الجروح التي تصيب رأس المصروع من السقوط فجأة تسبب له تهيجا في الدماغ
هذه هي أعراض الصرع الطبية . فكيف يقال أن رسول الله كانت تعتريه نوبات صرعية ولم يرو لنا أنه سقط مغشيا عليه أو أصيب بجروح في راسه أو عض لسانه أو شفتيه أو سال الدم منه أو أصيب بحروق أو فقد ذاكرته أو حاد عن مبدئه بل لم يقل أحد أنه صاح صياحا عاليا . أليس في مخالفة حالاته للأعراض الصرعية التي يعرفها كل طبيب رد كاف على هؤلاء المستشرقين ؟

زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- تزوج رسول الله خمس عشرة امرأة دخل بثلاث عشرة وجمع بين احدى عشرة وتوفي عن تسع أولاهم ( خديجة ) بنت خويلد ولم يتزوج عليها حتى ماتت
ثم تزوج ( سودة ) بنت زمعة وكانت تحت السكران بن عمرو وهو من مهاجرة الحبشة فمات ولم يعقب فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وسلم بعده
ثم تزوج ( عائشة ) بنت أبي بكر سنة اثنتين ولم يتزوج بكرا غيرها . عقد عليها بمكة وهي ابنة ست سنين وبنى عليها بالمدينة وهي ابنة تسع وتزوج ( حفصة ) بنت عمر بن الخطاب وكانت تحت خنيس بن عبد الله بن حذافة السهمي وكان رسول الله أرسله إلى كسرى ولما مات خنيس بن حذافة وتأيمن حفصة ذكرها عمر لأبي بكر وعرضها عليه فلم يرد عليه أبو بكر كلمة فغضب عمر من ذلك فعرضها على عثمان حين ماتت رقية بنت رسول الله فقال عثمان ما أريد أن أتزوج اليوم فانطلق عمر إلى رسول الله فشكا إليه عثمان فقال رسول الله يتزوج حفصة من هو خير من عثمان ويتزوج عثمان من هو خير من حفصة ثم خطبها إلى عمر فتزوجها رسول الله بعد غزوة أحد سنة ثلاث وكانت سنها عشرين سنة وتوفيت سنة 45 في خلافة مروان بن الحكم وكان عمرها سنين سنة ثم تزوج ( زينب ) بنت خزيمة بن الحارث سنة ثلاث . يقال لها أم المساكين لكثرة إطعامها المساكين وصدقتها عليهم وكانت تحت عبد الله بن جحش فقتل عنه يوم أحد ولم تلبث عند رسول الله إلا يسيرا : شهرين أو ثلاثة حتى توفيت في حياته
ثم تزوج ( زينب ) بنت جحش وهي بنت عمته صلى الله عليه وسلم سنة خمس وهي أول من مات من أزواجه في خلافة عمر وتكنى أم الحكم وكانت قديمة الإسلام وكانت قد تزوجها زيد بن حارثة مولى رسول الله ليعلمها كتاب الله وسنة رسوله وكان اسمها برة فسماها زينب وبسببها نزل الحجاب
ثم تزوج ( أم حبيبة ) واسمها " أرملة " بنت أبي سفيان صخر بن حرب وأمها صفية بنت أبي العاص عمه عثمان بن عفان . أسلمت قديما بمكة وهاجرت إلى الحبشة مع زوجها عبد الله بن جحش فتنصر بالحبشة ومات بها وابت هي أن تتنصر وثبتت على إسلامها فتزوجها رسول الله وهي بالحبشة سنة ست . روى مسلم ابن الحجاج في صحيحه أن أبا سفيان طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوجها فأ ] ابه إلى ذلك وهذا مما يعد من أوهام مسلم لأن رسول الله قد تزوجها وهي بالحبشة قبل إسلام أبي سفيان لم يختلف أهل السير في ذلك ( 1 ) واصدقها النجاشي اربعمائة دينار
ثم تزوج ( أم سلمة ) بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومي واسمها هند سنة أربع وكانت قبل النبي صلى الله عليه وسلم عند أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي فولدت له سلمة وعمر ودرة وزينب وتوفي فخلفه عليها رسول الله بعده . وكانت من المهاجرات إلى الحبشة وإلى المدينة وكان سنها حين تزوجها رسول الله ثلاثين سنة . وتزوج ( ميمونة ) بنت الحارث وهي خالة خالد بن الوليد وكانت قبل رسول الله عند أبي رهم العامري . تزوجها رسول الله سنة سبع في عمرة القضا في ذي القعدة
وتزوج ( صفية ) بنت حيي بن أخطب سنة سبع وكانت زوج سلام بن مشكم اليهودي ثم خلفه عليها كنانة بن أبي الحقيق وهما شاعران فقتل عنها كنانة يوم خيبر ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم
وتزوج ( جويرية ) بنت الحارث بن أبي ضرار سنة خمس سباها رسول الله يوم المريسيع وهي غزوة بني المصطلق وكانت تحت مسافع بن صفوان المصطلقى . عن عائشة قالت لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن شماس أولا بن عم له فكاتبته على نفسها الخ
ولما بلغ الناس أنه تزوجها قالوا أصهار رسول الله فأطلقوا جميع الأسرى الذين بأيديهم
وتزوج ( خولة ) بنت حكيم وهي التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم
وتزوج امرأة يقال لها ( عمرة ) فطلقها ولم يبن بها وذلك أن أباها قال له وأزيدك أنها لم تمرض قط فقال ما لهذه عند الله من خير فطلقها . وتزوج امرأة يقال لها ( أميمة ) بنت النعمان فطلقها قبل أن يطأها . وخطب امرأة من بني مرة ابن عوف فردها أبوها وقال أن بها برصا فلما رجع إليها وجدها برصاء
_________
( 1 ) راجع الجزء الخامس من أسد الغابة " رملة "

تعدد زوجات رسول الله

- اعترض بعض الذين كتبوا سيرة الرسول من المسيحين على كثرة أزواجه صلى الله عليه وسلم وزعموا أنه كان شهوانيا . والحقيقة أن كثرة أزواجه لم تكن بدافع شهواني فإنه أراد بذلك أن يوجد بينه وبين أصحابه وكبار قومه صلة قوية ورابطة متينة بواسطة المصاهرة لأن ذلك مما يساعده ويشد ازره للدفاع عن مبدئه السامي ونشر الدعوة إلى الإسلام
أما أنه لم يكن شهوانيا فأمر لا ينكر وظاهر من حياته وأطواره لأنه صلى الله عليه وسلم تزوج خديجة وهو في عنفوان شبابه في سن الخامسة والعشرين ولم يتزوج غيرها إلى أن توفيت وكان عمره إذ ذاك خمسين سنة فإذا لم يكن إلى هذا العمر رجل شهوة بل كان رجلا قانعا بزوجة واحدة فهل من العدل أن نقول أنه كان شهوانيا بعد ذلك ؟
لم يكن رسول الله يعرف الفراغ بل كان في جهاد مستمر فلم يذق للراحة طعما من مبدأ الرسالة إلى أن مات فكان يقضي أوقاته في نشر الدعوة ومحاربة الوثنية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدفاع عن المسلمين وجمع شملهم وتعليمهم أمور دينهم وتثبيت دعائم المدنية الصحيحة الخالية من الشوائب ومكافحة الأعداء باللسان والسيف وكان مع ذلك يتعبد آناء الليل وأطراف النهار وعلى العموم فقد تحمل الأعباء ما تنوء به الجبال ولم تشغله كثرة نسائه عن عبادة ربه
وأما أنه كان يقصد من تعدد زوجاته إيجاد روابط المصاهرة وتأليف القلوب لنشر الدعوة فهذا واضح أيضا فإن زوجته ( عائشة ) هي بنت أبي بك الصديق و ( حفصة ) بنت عمر بن الخطاب وقد كان عرضها عمر بعد موت زوجها على أبي بكر وعثمان فأبيا زواجها فتزوجها رسول الله و ( أم حبيبة ) هي بنت أبي سفيان وقد كان من أكبر أعداء رسول الله ومن أشراف قريش وعدا ذلك قد كانت أم حبيبة كما تقدم اسلمت قديما وهاجرت إلى الحبشة وتنصر زوجها هنالك وأبت أن تتنصر معه فأكرمها النبي صلى الله عليه وسلم بزواجها
وزوجته ( ميمونة ) هي بنت خالة خالد بن الوليد الذي صار من أعظم أبطال الإسلام وقوادهم الذين اكتسبوا شهرة خالدة وأما زوجته ( صفية بنت حيي ) فإنما تزوجها لأنها بنت ملك من ملوك اليهود فلا تصلح إلا له صلى الله عليه وسلم وقد تنافس المسلمون فيها لما وقعت في نصيب دحية بن خليفة الكلبي
وقد كان رسول الله قويا صحيح الجسم كما أنه ذا إرادة تفل الحديد وكان بشرا يأكل ويشرب ويشتهي وقد عصمه الله تعالى عن الزنوب . فلما رأى ( زينب بنت جحش ) وكانت عند مولاه زيد بن ثابت وطلقها زيد بعد أن كرهها تزوجها رسول الله لإبطال عادة التبني ونسخ تحريم الزواج بامرأة المتبني . هذا ملخص العلة في تعدد زوجاته بعد أن بلغ من العمر الخمسبن وبعد أن انقضى زمن شبابه زمن حدة الشهوة
على أن عقلاء الإفرنج أدركوا حقيقة هذه المسألة فردوا على ما افتراه بعضهم من قصار النظر . فقال الفيلسوف الإنجليزي توماس كارليل :
وما محمد أخا شهوات برغم ما اتهم به ظلما وعدوانا وشد ما نجور ونخطئ إذا حسبناه رجلا شهويا لا هم له إلا قضاء مآربه من الملاذ . كلا فما أبعد ما كان بينه وبين الملاذ اية كانت . لقد كان زاخدا متقشفا في مسكنه ومأكله ومشربه وملبسه وسائر أموره وأحواله . وكان طعامه عادة الخبز وربما تتابعت الشهور ولم توقد بداره نار
وأنهم ليذكروا ونعم ما يذكرون أنه كان يصلح ويرفو ثوبه بيده . فهل بعد ذلك مكرمة ومعجزة ؟ فحبذا محمد من رجل خشن اللباس خشن الطعام مجتهد في الله قائم النهار ساهر الليل دائبا في نشر دين الله الخ
هذا وقد كان لسليمان ثلاثمائة امرأة وثلثمائة سرية وقد كان لداود عليه السلام على زهده وأكله من عمل يده تسع وتسعون امرأة وتمت بزواج أورياء مائة

المرأة في الإسلام

- لم يكن للمرأة في الجاهلية اس شأن فلم يكن لها حق الميراث
أمر رسول الله النساء بالخضوع للرجال قال تعالى { الرجال قوامون على النساء } لكنه نهى الرجال عن معاملة النساء بالقسوة وشرط الإسلام رضا المرأة قبل الزواج ومنع أخذ الزوجة بغير رضاها وجاء في الحديث " الجنة تحت أقدم الأمهات " وللنساء في الميراث نصف ما للرجال وحرم القرآن وأد البنات ومنع الإسلام الزواج المؤقت ( زواج المتعة ) وحرم الزنا ولم يبح تعدد الزوجات إلا عند توفر العدل " فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة " وأباح الطلاق وصرح النبي أن أبغض الحلال عند الله الطلاق وتعدد الزوجات بلا شك خير من الزنا المستور وهو يمنه العهارة وعزوبة النساء المنتشرة في هذه الأيام بكثرة

حكمة تعدد الزوجات

- إن الدين الإسلامي لما كان دينا عاما فقد أباح تعدد الزوجات قال تعالى { فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة } وذلك لضرورات اجتماعية وشخصية :
فأما الضرورات الإجتماعية فهو نقص عدد الرجال عن النساء بسبب قتل الرجال في ميادين الحرب . هذا ولم يستطع رؤساء الحكومات ولا علماء الإجتماع ولا المصلحون ولا المؤتمرات الدولية منع الحروب . فقد نشبت الحرب العالمية وذهب ضحيتها الملايين من النفوس البشرية وها هي تستعد الآن للحرب أخذا بالثأر وطمعا في التوسع والاستعمار وتنشئ الطيارات والأساطيل والمدافع وقد فشل مؤتمر نزع السلاح
ولا تزال القبائل في إفريقية وأمريكا وآسيا تشن الغارات ويقتل عدد كبير من رجالها . ونتيجة هذه الحروب والغارات نقص عدد الرجال عن النساء نقصا يقدر بحسب فظاعتها
ونقص الرجال عن النساء خصوصا إذا كان النقص عظيما ضار بالأمة من جملة وجوه منها نقص الثروة لقلة الأيدي العاملة وضعف قوتها من الوجهة الحربية وتعرضها لغارات المغيرين ومطامع الطامعين من الأمم القوية فلا يعيد مثل هذه الأمة التي أصيبت بنقص رجالها إلى قوتها وكثرة مواليدها إلا تعدد الزوجات
وقد كتب العالم الإنكليزي هربرت سبنسر في كتاب أصول علم الإجتماع : " إذا طرأ على الأمة حالة اجتاحت رجالها بالحروب ولم يكن لكل رجل من الباقين إلا زوجة واحدة وبقيت نساء عديدات بلا أزواج ينتج من ذلك نقص في عدد المواليد لا محالة ولا يكون عددهم مساويا لعدد الوفيات فإذا تقابلت أمتان مع فرض أنهما متساويتان في جميع الوسائل المعيشية وكانت إحداهما لا تستفيد من جميع نسائها بالاستيلاد فلا تستطيع أن تقاوم خصيمتها التي يستولد رجالها جميع نسائها وتكون النتيجة أن الأمة الموحدة للزوجات تفنى أمام الأمم المعددة للزوجات "
ثم أن زيادة عدد النساء بلا أزواج مدعاة لانتشار الفسق والفجور والفاقة ولا شك أن إباحة تعدد الزوجات للقادرين عليه علاج لكل ما تقدم
فأما الضرورات الشخصية فمعلوم أن الزنا محرم شرعا فلو أن الإسلام حرم التعدد لضاقت السبل أمام المتدين الذي يعبد الله ويتبع أوامره ويجتنب نواهيه لأن هناك ظروفا شتى قاهرة تضطر الإنسان إلى الزواج بغير امرأة واحدة نذكر منها :
- 1 - مرض الزوجة مرضا مزمنا يجعل الزوج ينفر منها بحيث يجعلها غير صالحة للملامسة والتمتع وليس لها من يعولها إذا طلقها ولا تستطيع الكسب ولا يمكن أن تتزوج بغيره فليس من المروءة والإنسانية طلاقها ولا تستطيع الكسب ولا يمكن أن تتزوج بغيره فليس من المروءة والإنسانية طلاقها وليس من الحكمة منعه من التزوج لئلا يتعطل نسله أو تميل به الشهوات الطبيعية إلى الزنا ( 1 ) وقد حدث مثل ذلك بالضبط لأحد الصالحين وكان قاضيا بالمحاكم الأهلية رحمه الله تعالى فإنه بعد أن تزوج بمدة يسيرة أصيبت زوجته بالشلل فكانت حالتها منفرة ولا تستطيع الحركة ولا تناول الطعام بنفسها وليس لها من يعولها غذ طلقها بل يستحيل عليه ذلك لما جبل عليه من المروءة والشفقة . ولما كان متمسكا بدينه تزوج غيرها بعد أن قرر الأطباء عدم شفائها وخصص لها خادمة وكان يخدمها بنفسه وقد طال مرضها وبقيت على هذه الحال إلى أن توفيت
- 2 - امتناع الرجل عن الاتصال بزوجته مدة الوضع والنفاس وما ينالها بسبب ذلك من الآلام والضعف
- 3 - جاذبية المرأة وجمالها وتأثيرها في الرجل مع قدرته على التعدد
- 4 - بلوغ الزوجة سن الشيخوخة
- 5 - عقم المرأة مع رغبة الرجل في الذرية
- 6 - الرغبة في كثر النسل رغبة في النفوذ والجاه
- 7 - الأسباب الاقتصادية فإن النساء والأولاد يساعدون الرجل في الزراعة وهذا مشاهد في البلاد الزراعية كالقطر المصري وقد يضطر الرجل أن يتزوج امرأة غنية بسبب سوء حالته المالية
وقد كان تعدد الزوجات شائعا عند العرب ولم يكن في الجاهلية قانون يحدد عدد الزوجات وقد أسلم غيلان بن سلمة وتحته عشر نسوة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " أمسك أربعا وفارق باقيهن "
قال الأستاذ جوستاف لوبون :
إن تعدد الزوجات على مثال ما شرعه الإسلام من أفضل الأنظمة وأنهضها بأدب الأمة التي تذهب إليه وتعتصم به وأوثقها للأسرة عقدا وأشدها لأسرتها أزرا وسبيله أن تكون المرأة المسلمة أسعد حالا وأوجه شأنا وأحق باحترام الرجل من أختها الغربية
وقال " ولست أدري على أي قاعدة يبني الأوربيون حكمهم بانحطاط ذلك النظام نظام تعدد الزوجات عن نظام التفرد المشوب بين الأوربيين بالكذب والنفاق ؟
على حين أرى هنالك أسبابا تحملني على ايثار نظام تعدد الزوجات على ما سواه . وليس عجيبا بعد ذلك أن نرى الشرقيين الذين ينتجعون إلينا وينتقلون بين مدائننا يحارون من قسوتنا في الحكم على نظام تعدد الزوجات فيهم ( 2 )
وقد حبذ شو بنهور الفيلسوف الألماني تعدد الزوجات فقال :
أما آن لنا أن نعد بعد ذلك تعدد الزوجات حسنة حقيقية لنوع النساء بأسره ؟
قال ذلك بعد أن شرح مضار الاقتصار على زوجة واحدة فمما قال " في مدينة لندرة وحدها ثمانون الف بنت عمومية سفك دم شرفهن على مذبحة الزواج ضحية الاقتصار على زوجة واحدة ونتيجة تعنت السيدة الأوربية وما تدعيه لنفسها من الأباطيل "
وقال : " إذا رجعنا إلى أصول الأشياء وحقيقتها لا نجد سببا يمنع الرجل من التزوج بثانية إذا أصيبت امرأته بمرض مزمن تألم منه أو كانت عقيما أو أصبحت على توالي السنين عجوزا "
إن الرجل المتزوج في الأمم المسيحية التي لا تبيح تعدد الزوجات لا يقتصر في الحقيقة على امرأة واحدة بل نراه يتخذ كثيرا من الخليلات ويبيح لنفسه التمتع بمن أحب منهن . فإذا أبدى رأيه أو كتب في موضوع الزواج طعن على تعدد الزوجات ورمى المسلمين بالهمجية والتعدي على حقوق الزوجة وزعم أنهم شهوانيون . ولذلك قال الأستاذ لوبون عن نظام تفرد " الزوجة " بين الأوربيين أنه مشوب بالكذب والنفاق . . . . وصرح بذلك أيضا شوبنهور فقال :
أين لنا بمن يقتصر حقيقة [ على ؟ ؟ ] زوجة واحدة بل لا ننكر أننا في بعض أيامنا أو في معظمها كلنا أو جلنا نتخذ كثيرا من النساء
على أن الشريعة الإسلامية كما هو واضح من نص القرآن الكريم لم تبح تعدد الزوجات بلا قيد ولا شرط بل اشترطت العدل . قال تعالى : { فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة } والمعنى إن خفتم ألا تعدلوا بين هذه الأعداد كما خفتم ترك العدل فيما فوقها فاكتفوا بزوجة واحدة { ذلك أدنى ألا تعولوا } والمعنى ذلك أقرب من أن لا تعولوا أي لا تجوروا ولا تميلوا
والذي يؤخذ من مجموع نصوص القرآن والسنة أن الزوج يعتبر آثما إذا تزوج على امرأته لمجرد الإضرار بها ( 3 ) قال تعالى { ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن }
_________
( 1 ) كتاب المختارات الفتحية في التشريع وأصول الفقه للأستاذ أحمد أبي الفتح بك الطبعة الرابعة صفحة 20
( 2 ) راجع الجزء الثاني من كتاب المرأة العربية في جاهليتها وإسلامها تأليف الأستاذ عفيفي ص 69 و 71
( 3 ) المختارات الفتحية ص 20

بنوه وبناته صلى الله عليه وسلم

- ولدت خديجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولده كلهم إلا إبراهيم الذي ولد بالمدينة فإنه من مارية القبطية من قرية حفن من كورة أنصاء وقد أهداها المقوقس عظيم القبط إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأهدى معها أختها سيرين وهي التي وهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت
وأكبر ولد له زينب . ثم رقية . ثم فاطمة . ثم أم كلثوم ثم ولد له في الإسلام عبد الله ( وهو الطيب والطاهر ) وهؤلاء كلهم من خديجة ومات القاسم عبد الله فقال العاص بن وائل السهمي " قد انقطع ولده فهو أبتر " فأنزل الله تعالى : { إن شانئك هو الأبتر } وعبد الله آخر الأولاد من خديجة
أما إبراهيم فولد له سنة ثمان ومات وهو ابن ستة عشر شهرا وقيل ثمانية عشر في سنة عشر من الهجرة
أما بناته زينب أبو العاص بن الربيع بن العزى بن عبد شمس وهو ابن خالتها وأمه هالة بنت خويلد أخت خديجة لأمها وأبيها . وفاطمة تزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه . ورقية وأم كلثوم تزوجهما عثمان بن عفان . وتوفيت رقية يوم بدر في رمضان سنة اثنتين من الهجرة وتوفيت أم كلثوم سنة تسع من الهجرة . فالبنات أربع والبنون ثلاثة

صفته صلى الله عليه وسلم

- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض مشربا بحمرة واسع الجبين . عظيم الرأس من غير إفراط حسن الجسم . عظيم الجبهة دقيق الحاجبين مقرونهما كانت الفرجة التي بين حاجبيه يسيرة لا تبين إلا لمن دقق النظر . أهدب الأشفار . أدعج العينين ( 1 ) أقنى الأنف ( 2 ) واضح الخدين ليس فيهما نتوء ولا ارتفاع . كث اللحية ( كثير شعرها ) اسودها عرقه في وجهه . واسع الفم من غير إفراط والعرب تمدح به لدلالة السعة على الصاحة مفلج الثنايا " متفرقها " قوي الأسنان ضخم الكراديس " رؤوس العظام " غليظ الكتفين واسعهما ناعمهما غليظ الأصابع من غير قصر ولا خشونة واسع الصدر . غليظ القدمين سبابة قدمه أطول من الوسطى . اشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر . ولم يكن بالطويل ولا القصير وهو إلى الطول أقرب . شعره وسط بين الجعودة والبسوطة . نقي الثوب لين الكلام . حسن الصوت قوية . لا يقول هجرا . ولا ينطق هذرا . يخاطب كل إنسان على قدر عقله . يكلم كل قبيلة بما تعرفه . واسع الإطلاع بلغات العرب إذا فرح غض طرفه . ما رؤى ضاحكا إنما كان يبتسم وكان يضحك منه نادرا ولم يقهقه . ما تثاءب قط . وما احتلم قط . ليس بمسترخي البدن . سهل الخلق . لين الجانب . ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب ولا مزاح . وكان يمزح ولا يقول إلا حقا . يقابل السيئة بالحسنة يصل من قطعه ويعطي من حرمه ويعفو عمن ظلمه . لا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه ويصبر للغريب على الجفوة في المنطق والمسألة . لا يقطع على أحد حديثه . ولا يتكلم في غير حاجة . يعظم النعمة وإن دقت . لا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها وإنما يغضب إذا تعرض للحق بشيء . ويكرم كريم كل قوم يوليه عليهم ويتفقد أصحابه ويسأل عنهم فإن كان غائبا دعا له وإن كان شاهدا زاره وإن كان مريضا عاده . وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس . من جالسه أو نادمه لحاجة صابرة حتى يكون هو المنصرف عنه . من سأله حاجة لم يرده إلا بها . عنده الناس في الحق سواء . مجلسه مجلس حلم وحياء . لا ترفع فيه الأصوات ولا يتنازعون عند الحديث . إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير . وقد قال صلى الله عليه وسلم بعثت لأتمم مكارم الأخلاق . وكان أشد الناس خشية وخوفا من الله . ما ضرب بيده الشريفة امرأة ولا خادما من أهله . حلمه يسبق غضبه ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما . وأسخى الناس كفا وأشدهم حياء يحب الفأل الحسن ويغير الاسم القبيح بالحسن . يشاور أصحابه في الأمر وكان إذا كره شيئا عرف في وجهه ولم يشافه أحدا بمكروه بمازح صبيان أصحابه ويجلسهم في حجره ويقعدون في صدره الشريف فيقبلهم ويلتزمهم . يشهد الجنائز ويقبل عذر المعتذر . ما وضع أحد فمه في أذنه إلا استمر صاغيا له حتى يفرغ من حديثه ويذهب . وما أرسل أحد بيده فيرسل يده صلى الله عليه وسلم منه حتى يكون الآخر هو الذي يرسلها . يبدأ من لقيه بالسلام ويبدأ أصحابه بالمصافحة لم ير قط مادا رجليه بين أصحابه . يكرم من يدخل عليه وربما بسط له رداءه وآثره بالوسادة التي تحته ويعزم عليه إن أبى . ويدعو أصحابه بأحب أسمائهم ويكنيهم ولا يجلس إليه أحد وهو يصلى إلا خفف صلاته وسأله عن حالته فإذا فرغ عاد إلى صلاته . كان يركب الحمار وربما ركبه عريانا ويردف خلفه وكان يجلس على الأرض ويحب السواك ويكتحل بالأثمد عند النوم ثلاثا في كل عين وحج على رحل رث عليه قطيفة ما تساوي أربعة دراهم وقال اللهم اجعله حجا مبرورا لا رياء فيه ولا سمعة . يحلب شاته ويخصف نعله ويرقع ثوبه ويخدم نفسه ويقم البيت ما يرى فارغا قط في بيته ويأكل مع الخادم ويحمل بضاعته من السوق ويحب الطيب ويأمر به ويأمر أصحابه بالمشي أمامه . توفي ودرعه مرهونة عند يهودي على نفقة عياله . ما شبع ثلاثة أيام تباعا من خبز البر حتى فارق الدنيا . وما أكل خبزا منخولا وكان يبيت الليالي المتتابعة طاويا . وما أكل على خوان قط إنما كان يأكل على السفرة وربما وضع طعامه على الأرض . لا يجمع في بطنه بين طعامين . إن أكل لحما لم يزد عليه وإن أكل تمرا لم يزد عليه وإن أكل خبزا لم يزد عليه وكان يصلي على الحصير وعلى الفروة المدبوغة وربما نام على الحصير فأثرت في جسده الشريف وكان ينام على شيء من أدم محشو ليفا
_________
( 1 ) وقد جاء أشكل العينين أي في بياض عينيه حمرة وكانت في الكتب القديمة من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم وعن أبي هريرة أكحل العينين والكحل سواد هدب العينين خلقة
( 2 ) القنا في الأنف طوله ودقة أرنبته مع حدب في وسطه

0 commentaires:

إرسال تعليق