- 58 - بدء اسلام الأنصار بيعة العقبة الأولى - اسلام سعد بن معاذ


بدء اسلام الأنصار بيعة العقبة الأولى - اسلام سعد بن معاذ


- خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على قبائل العرب وحجاجهم كما كانت عادته في كل موسم فبينما هو عند العقبة التي تضاف إليها الجمرة فيقال جمرة العقبة وهي على يسار القاعد منى من مكة إذ لقى رهطا من الأوس والخزرج كانوا
يحجون فيمن يحج من العرب وهما قبيلتان مشهورتان عظيمتان من العرب في يثرب وقد لقبهم رسول الله بالأنصار لما هاجر إليهم ومنعوه ونصروه وكان الذين لقبهم صلى الله عليه وسلم من الخزرج هم أبو أمامة أسعد بن زراره وعوف ابن الحارث ويعرف بابن عفراء وهما من بني النجار . ورافع بن مالك بن العجلان وعامر بن عبد حارثة وهما بني زريق . وقطبة بن عامر بن حديدة من بني سلمة وعقبة بن عامر بن نابئ من بني غنم وجابر بن عبد الله بن رباب من بني عبيدة فعرض النبي عليهم الإسلام وتلى عليهم القرآن فقبلوا ذلك منه وأثر في قلوبهم وكان اليهود مع الأوس والخزرج بالمدينة وكانوا أهل كتاب والأوس والخزرج أهل شرك وأوثان . وكانوا إذا كانوا بينهم شيء تقول اليهود أن نبيا سيبعث الآن قد أظل زمانه نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وأرم وكانوا يصفونه لهم بصفاته . فلما قدموا المدينة ذكروا لقومهم النبي صلى الله عليه وسلم ودعوهم إلى الإسلام فأسلم كثيرون منهم حتى إذا كان العام المقبل وافى الموسم من الأنصار أثنا عشر رجلا وذلك سنة أثنتي عشرة من النبوة ( 621 م ) فلقوه بالعقبة فبايعوه بيعة النساء وسميت بذلك لأنها كانت على الأمور التي ورد ذكرها في سورة الممتحنة خاصة ببعة النساء وهي هذو الآية :
{ يأيها النبي إذا جاءك المؤمناتث يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم }
وبعد أن تمت هذه البيعة بعث صلى الله عليه وسلم معهم مصعب بن عمير بن هاشم يقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام وكان يسمى مصعب بالميدنة المقرئ فأسلم على يده سعد بن معاذ وأسيد بن حضير وكان سعد من أجل رؤسائهم ثم فشا فيهم الإسلام ولم تبق دار من دور الأنصار وإلا فيها رجال ونساء مسلمون إلا ماكان من دار بني أمية بن زيد وخطمة ووائل وواقف وذلك أنه كان فيهم أبو قيس بن الأسلت ( وهو صيفي ) وكان شاعرا لهم وقائدا يسمعون منه ويطيعونه فوقف بهم عن الإسلام ولم يزل على ذلك حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة

بيعة العقبة الثانية

- اتفق جماعة من الأنصار للقاء النبي صلى الله عليه وسلم مستخفين لا يشعر بهم أحد فوافوا مكة في الموسم في ذي الحجة مع كفار قومهم واجتمعوا به وواعدوه أوسط أيام التشريق ( 1 ) فلما كان الليل خرجوا بعد مضي ثلثه يتسللون حتى أجتمعوا بالعقبة وحضر معهم عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر ( 2 ) وأسلم تلك الليلة وجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه عمه العباس بن عبد المطلب وكان لا يزال على دين قومه وأحب أن يتوثق لابن أخيه وكان اول من بايع تلك الليلة وهو أول من تكلم . فقال يا معشر خزرج ( وكانت العرب تسمي الخزرج والأوس به ) إن محمدا منا حيث قد علمتم في عز ومنعة وأنه قد أبى إلا الإنقطاع إليكم فإن كنتم ترون أنكم تفون له بما دعوتموه إليه وما نعوه فأنتم وذلك وإن كنتم ترون أنكم مسلموه فمن الأن فدعوه فإنه عز ومنعة
فقال الأنصار قد سمعنا ما قلتم فتكلم يا رسول الله وخذ لنفسك وربك ما أحببت فتكلم وتلا القرآن ورغب في الإسلام ثم قال : تمنعونني ما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم وكان للبراء بن معرور في تلك الليلة المقام المحمود في الإخلاص والتوثق لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أخذ بيده وقال : والذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه ذرارينا فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أهل الحرب فاعترض الكلام أبو الهيثم بن التيهان حليف بني عبد الأشهل فقال يا رسول الله إن بيننا وبين الناس حبالا وأنا قاطعوها يعني اليهود فهل عسيت أن أظهرك الله عز وجل أن ترجع إلى قومك وتدعنا ؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بل الدم الدم الهدم الهدم أنتم مني وأنا منكم أسالم من سالمتم وأحارب من حاربتم وكانت عدة الذين بايعوا في تلك سبعين رجلا وامرأتين نسيبة بنت كعب أم عمارة وأسماء بنت عمرو بن عدي من نبي سلمة ( 3 ) واختار منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اثني عشر نقيبا يكونون على قومهم تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس وقال لهم أنتم كفلاء على قومكم ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم وأنا كفيل على قومي . والنقباء هم :


1 - سعد بن عبادة . 2 - أسعد بن زرارة . 3 - سعد بن الربيع . 4 - سعد بن خيثمة . 5 - المنذر بن عمرو . 6 - عبد الله بن رواحة . 7 - البراء بن معرور . 8 - أبو الهيثم بن التيهان . 9 - أسيد بن حضير . 10 - عبد الله بن عمرو بن حرام . 11 - عبادة بن الصامت . 12 - رافع بن مالك
فلما بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم رجعوا إلى المدينة فكان قدومهم في ذي الحجة فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بقير ذي الحجة والمحرم وصفر وهاجر إلى المدينة في شهر ربيع الأول وقدمها لأثني عشرة ليلة خلت منه وقد كانت قريش لما بلغهما الإسلام من أسلم من الأنصار اشتدوا على من بمكة من المسلمين فأصابهم جهد شديد . فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة إلى المدينة فخرجوا ارسالا حتى لم يبق أحد من المسلمين بمكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أبو بكر وعلي بن أبي طالب فإنهما أقاما بأمره وكان صلى الله عليه وسلم ينتظر أن يؤذن له في الهجرة
واسلام الأنصار له شأن كبير في تاريخ الإسلام بل في تاريخ الدنيا
_________
( 1 ) وهي ثلاثة أيام بعد النحر لأن لحم الأضاحي يشرق فيها للشمس أي يشرر وقال ابن الأعرابي سميت بذلك لأن الهدي والضحايا لاتنحر حتى تشرق الشمس أي تطلع
( 2 ) قتل عبد الله بن عمرو يوم أحد وقد مثل به
( 3 ) بايعه المرأتان من غير مصافحة

0 commentaires:

إرسال تعليق