- 95 - غزوة فتح مكة وما تلاها من أحداث


غزوة فتح مكة

- لما كان صلح الحديبية بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش كان فيما شرطوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشرط لهم أن من أحب أن يدخل في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده فيدخل فيه . ومن أحب أن يدخل في عقد قريش
وعهدهم فليدخل فيه . فدخلت بنو بكر في عقد قريش وعهدهم ودخلت خزاعة في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده
والسبب في دخول خزاعة في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن خزاعة كانت حليفة جده عبد المطلب حين تنازع مع عمه نوفل في ساحات وأفنية من السقاية كانت في يد عبد المطلب فأخذها منه نوفل فاستنهض عبد المطلب قومه فلم ينهض معه منهم أحد وقالوا لا ندخل بينك وبين عمك . ثم كتب إلى أخواله بنو النجار فجاء منهم سبعون وقالوا ورب هذه البنية لتردن على ابن أختنا ما أخذت منه وإلا ملأنا منك السيف فرده . ثم حالف نوفل بني أخيه عبد شمس فحالف عبد المطلب خزاعة وكان عليه الصلاة والسلام بذلك عارفا ولقد جاءته خزاعة يوم الحديبية بكتاب جده عبد المطلب فقرأه عليه أبي بن كعب رضي الله عنه فأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على حلفهم
وقد كان بين بني بكر بن عبد مناف وبين خزاعة حروب وقتلى في الجاهلية وتشاغلوا عن ذلك لما ظهر الإسلام . قال ابن اسحاق فلما كانت الهدنة اغتنمها بنو الديل من بني بكر من خزاعة وأرادوا أن يصيبوا منهم ثأرا بأولئك النفر الذين أصابوا منهم بني الأسود بن رزين فخرج نوفل بن معاوية الديلي في بني الديل وهو يومئذ قائدهم وليس كل بني بكر بايعه حتى بيت خزاعة وهم على الوتير ماء لهم فأصابوا منهم رجلا وتجاوزوا واقتتلوا ورفدت بني بكر قريش بالسلاح وقاتل معهم من قريش من قاتل بالليل مستخفيا حتى حازوا خزاعة إلى الحرم فلما انتهوا إليه قالت بنو بكر يا نوفل إنا قد دخلنا الحرم " الهك . الهك " فقال كلمة عظيمة لا إله له اليوم يا بني بكر أصيبوا ثأركم فلعمري أنكم لتسرفون في الحرم أفلا تصيبون ثأركم فيه وقد أصابوا منهم ليلة بيتوهم بالوتير رجلا يقال له منبه وكان منبه رجلا مفؤدا ( ضعيف الفؤاد ) خرج هو ورجل من قومه يقال له تميم بن أسد . فقال له منبه يا تميم انج بنفسك . فأما أنا فوالله إني لميت قتلوني أو تركوني قد انبت فؤادي وانطلق تميم فأفلت وأ [ ركوا منبها فقتلوه
فلما دخلت خزاعة مكة لجأوا إلى دار بديل بن ورقاء الخزاعي ودار مولى لهم يقال له رافع
قال الواقدي كان ممن أعان من قريش بني بكر على خزاعة ليلتئذ بأنفسهم متنكرين صفوان بن أمية . وعكرمة بن أبي جهل . وسهيل بن عمرو مع عيرهم وعبيدهم
وذكر غيره حويطب بن عبد العزى . وشيبة بن عثمان وكل هؤلاء أسلموا بعد ذلك
وكان جملة من قتل من خزاعة عشرين أو ثلاثة وعشرين
فلما تظاهرت بنو بكر وقريش على خزاعة وأصابوا منهم ما أصابوا ونقضوا ما كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من العهد والميثاق بما استحلوا من خزاعة وكانوا في عقده وعهده خرج عمرو بن سالم الخزاعي ثم أحد بني كعب حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وكان ذلك مما هاج فتح مكة فوقف عليه وهو في المسجد بين ظهراني الناس فقال :
يا رب إني ناشد محمدا ... حلف أبينا وأبيه الأتلدا
قد كنتم ولدا وكنا والدا ... ثمت أسلمنا فلم تنزع يدا
فانصر هداك الله نصر اعتدا ... وادع عباد الله يأتوا مددا
فيهم رسول الله قد تجردا ... أن سيم خسفا وجهه تربدا
في فيلق كالبحر يجري مزبدا ... إن قريشا أخلفوك الموعدا
ونقضوا ميثاقك المؤكدا ... وجعلوا لي في كداء رصدا
وزعموا أن لست أدعوا أحدا ... وهم أذل وأقل عددا
هم بيتونا بالوتير هجدا ... وقتلوانا ركعا وسجدا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرت يا عمرو بن سالم . وفي رواية فقام صلى الله عليه وسلم وهو يجر رداءه ويقول : لانصرت إن لم أنصركم بنا أنصر به نفسي . وفي رواية . قال والذي نفسي بيده لأمنعنهم مما أمنع به نفسي وأهل بيتي . وعن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب مما كان من شأن بني كعب غضبا لم أره غضبه منذ زمان . ثم قال صلى الله عليه وسلم لعمرو بن سالم وأصحابه بعد أن علم منهم حقيقة ما حدث ارجعوا وتفرقوا في الأودية فرجعوا وتفرقوا وكان عددهم نحو أربعين راكبا من خزاعة وقصد رسول الله بتفرقهم إخفاء مجيئهم
وخرج بديل بن ورقاء في نفر من خزاعة حتى قدموا على رسول الله المدينة فأخبروه بما أصيب منهم وبمظاهرة قريش بني بكر عليهم ثم انصرفوا راجعين إلى مكة ولكن لم يبلغنا ماذا قال وفد بديل وبماذا أجابهم رسول الله
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للناس كأنكم بأبي سفيان قد جاء ليشدد العقد ويزيد في المدة . ومضى بديل بن ورقاء وأصحابه فلقوا أبا سفيان بعسفان قد رعثته قريش إلى رسول الله ليشدد العقد ويزيد في المدة وقد رهبوا الذي صنعوا . فلما لقى أبو سفيان بديلا . قال من أين أقبلت يا بديل ؟ وظن أنه أتى رسول الله قال سرت في خزاعة في هذا الساحل وفي بطن هذا الوادي . قال أو ما أتيت محمدا ؟ قال لا . قال فلما راح بديل إلى مكة قال أبو سفيان لئن كان جاء المدينة لقد علف بها النوى فعمد إلى مبرك ناقته فأخذ من بعرها ففته فرأى فيه النوى ( وهذا من فراسة العرب ) فقال أحلف باللذه لقد جاء بديل محمدا ثم خرج أبو سفيان حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فدخل على ابنته أم حبيبة بنت أبي سفيان ( زوج رسول الله ) فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته عنه . فقال يا بنية والله ما أدري أرغبت بي عن هذا الفراش أم أرغبت به عني ؟ قالت بل هو فراش رسول الله وأنت رجل مشرك نجس فلم أحب أن تجلس على فراش رسول الله . قال واللذه لقد أصابك بعدي شر . ثم خرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه فلم يرد عليه شيئا . ثم ذهب إلى أبي بكر فكلمه أن يكلم له رسول الله . فقال ما أنا بفاعل . ثم أتى عمر بن الخطاب فكلمه فقال أنا أشفع لكم إلى رسول الله فوالله لو لم آخذ إلا الذر لجاهدتكم . ثم خرج فدخل على علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعنده فاطمة ابنة رسول الله وعندها الحسن بن علي غلام يدب بين يديها فقال : يا علي إنك أمس القوم بي رحما وأقربهم مني قرابة وقد جئت في حاجة فلا أرجعن كما جئت خائبا . اشفع لنا إلى رسول الله . قال ويحك يا أبا سفيان والله لقد عزم رسول الله على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه . فالتفت إلى فاطمة فقال يا ابنة محمد هل لك أن تأمري بنيك هذا فيجير بين الناس فيكون سيد العرب إلى آخر الدهر ؟ قالت والله ما بلغ بني ذلك أن يجير بين الناس وما يجير على رسول الله أحد . قال يا أبا الحسن إني أرى الأمور قد اشتدت علي فانصحني . فقال له والله ما أعلم شيئا يغني عنك شيئا ولكنك سيد بني كنانة فقم فأجر بين الناس ثم الحق بأرضك . قال أوترى ذلك مغنيا عني شيئا ؟ قال لا والله ما أظن ولكن لا أجد لك غير ذلك . فقام أبو سفيان في المسجد . فقال :
أيها الناس إني أجرت بين الناس
ثم ركب بعيره وانطلق ( 1 )
اراد أبو سفيان من ذهابه إلى المدينة أن يشدد العقد ويزيد في المدة ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أعرض عنه ولم يجبه بشئ ووجد من أبي بكر وعمر وعلي وفاطمة رضي الله عنهم كل إعراض ولم يعده أحد منهم بشيء حتى يأس ورجع بخفي حنين لكنه على كل حال كان يعلم أن رسول الله قد عزم على أمر إزاء ما كان من تعدي بني بكر ومساعدة نفر من قريش لهم في هذا التعدي لأن ذلك نقض للعهد
أما ما تخيله بعض المستشرقين من أن أبا سفيان اتفق مع رسول الله على أنه إذا دخل مكة اجتنب سفك الدماء وأن أبا سفيان يقوم من جانبه بمنع أهل مكة من المقاومة فهذا لا أساس له وليس في السير شيء يدل على هذا الإتفاق
وقد قالوا أيضا أن رسول الله كان ينتظر أي فرصة تسنح لفتح مكة فلما وقع الإعتداء على خزاعة تظاهر بالغضب ووعد بأخذ الثأر والإنتصار لهم . والحقيقة اعتداء بني بكر نقض صريح للعهد وكيف لا يغضب وقد قتل من خزاعة وهم حلفاؤه أكثر من عشرين نفرا ولقد لجأوا إليه وناشدوه أن يدفع عنهم هذا الإعتداء
والدليل على أن أبا سفيان عاد من غير أن يحظى بأي إتفاق أنه لما قدم على قريش قالوا ما وراءك ؟ قال جئت محمدا فكلمته فوالله ما رد علشيئا . ثم جئت ابن ابي قحافة ( أبا بكر ) فلم أجد عند خيرا . ثم جئت ابن الخطاب فوجدته أعدى القوم . ثم جئت علي بن أبي طالب فوجدته ألين القوم وقد أشار علي بشيء صنعته فوالله ما أدري هل يغنيني شيئا أم لا ؟ قال وبماذا أمرك ؟ قال أمرني أن أجير بين الناس ففعلت . قال فهل أجاز ذلك محمد ؟ قال لا . قالوا ويلك والله أن زاد علي أن لعب بك . فما يغني عنا ما قلت . قال لا والله ما وجدت غير ذلك
غير أن ريشا لما طالت غيبة أبي سفيان اتهمته أشد التهمة وقالوا قد صبأ واتبع محمدا وكتم إسلامه . ولكنه لم يصبأ ولم يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما طالت غيبته بسبب أنه أكثر من الإلتجاء والتحدث إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار ليشفعوا له إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما طال انتظاره وأيس منهم عاد إلى مكة من غير أن ينال طائلا
ثم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تجهز وما أعلم أحدا وكان يقول : " اللهم خذ على أسماعهم وأبصارهم فلا يرونا إلا بغتة ولا يسمعون بنا إلا فلتة " وأمر جماعة أن تقيم بالأنقاب وكان عمر رضي الله عنه يطوف على الأنقاب فيقول لا تدعوا أحدا يمر بكم تنكروه إلا رددتموه . وقيل أمر بالطرق فحبست فعمي على أهل مكة لا يأتيهم خبر
_________
( 1 ) راجع ابن اسحاق


كتاب حاطب إلى مكة


- كتب حاطب بن أبي بلتعة البدري حليف بني أسد كتابا إلى مكة يخبرهم بمسير النبي صلى الله عليه وسلم وأرسله مع امرأة ( 1 ) استأجرها بعشرة دنانير وقال لها أخفيه ما استطعت ولا تمري على الطريق فإن عليه حراسا . فجعلت الكتاب في رأسها ثم فتلت عليه قرونها ثم خرجت به وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بما صنع حاطب فبعث علي ابن أبي طالب والزبير بن العوام فقال ادركا امرأة قد كتب معها حاطب بن أبي بلتعة بكتاب إلى قريش يحذرهم ما قد أجمعنا له في أمرهم ( وقد كان حاطب رسول رسول الله إلى المقوقس سنة ست )
فخرجا حتى أدركاها بالخليقة خليفة بني أبي أحمد فاستنزلاها فالتمسا في رحلها فلم يجدا شيئا فقال لها علي بن أبي طالب إني أحلف بالله ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا كذبنا ولتخرجن لنا هذا الكتاب أو لنكشفنك . فلما رأت الجد منه قالت أعرض
فأعرض فحلت قرون رأسها فاستخرجت الكتاب منها فدفعته إليه فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطبا فقال يا حاطب ما حملك على على هذا ؟ فقال يا رسول الله أما والله إني لمؤمن بالله ورسوله ما غيرت ولا بدلت ولكني كنت امرأ ليس لي في القوم من أصل ولا عشيرة وكان لي بين أظهرهم ولد وأهل فصانعتهم عليهم . فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله دعني أضرب عنقه فإن الرجل قد نافق . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على أصحاب بدر يوم بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم : فأنزل الله عز وجل في حاطب { يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء } إلى قوله وإليك أنبنا إلى آخر القصة وقد جاء في كتابه ما يأتي :
من حاطب بن أبي بلتعة إلى سهيل بن عمرو ومكرمة بن أبي جهل وصفوان ابن أمية . أما بعد يا معشر قريش فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءكم بجيش عظيم يسير كالسيل فوالله لو جاءكم وحده لنصره الله وأنجز له وعده فأنظروا لأنفسكم والسلام
وفي رواية أن لفظ الكتاب :
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في الناس بالغزو ولا أراه يريد غيركم وقد أحببت أن تكون لي عندكم يد
وعلى كل حال فإن في إرسال هذا الكتاب لقريش إفشاء لسر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتمه ولولا أن حاطبا كان من المجاهدين في غزوة بدر لعاقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا ترى أن عمر كان يريد ضرب عنقه . وقيل أن عمر رضي الله عنه قال قاتلك الله ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ بالأنقاب وتكتب إلى قريش
ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لسفره واستخلف على المدينة أبا رهم كلثوم بن حصين بن خلف الغفاري ( 2 ) وخرج لعشر مضين من شهر رمضان سنة ثمان ( أول يناير سنة 630 م ) فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصام الناس معه حتى إذا كان بالكديد ما بين ( عسفان وأمج ) أفطر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مضى حتى نزل مر الظهران في عشرة آلاف من المسلمين وكان قد بعث إلى من حوله من العرب وطلب حضورهم : أسلم . وغفار . وأشجع . وسليم . وبعث رسلا في كل ناحية . وقيل أن العشرة آلاف خرج بهم من نفس المدينة ثم تلاحق به ألفان
وكان عدد جيش المسلمين كما جاء في السيرة الحلبية هو :



700 - مهاجرون ومعهم 300 فرس


4000 - من الأنصار ومعهم 500 فرس


1000 - من مزينة ومعها 100 فرس


400 - من أسلم ومعها 30 فرسا


300 - من جهينة ومعها 50 فرسا


6400980 - 980
لكن هذا العدد أقل من المشهور بكثير بل هو أقل ممن خرج من المدينة وحدها وكان معه صلى الله عليه وسلم من زوجاته أم سلمة وميمونة رضي الله عنهما . وكان حروجه بعد العصر . ولم يزل رسول الله مفطرا رفقا بالمسلمين حتى انسلخ الشهر لأنه وإن قدم مكة قبل تمام الشهر لكنه كان في أهبة القتال وقد عميت الأخبار عن قريش فلا يأتيهم خبر عن رسول الله ولا يدرون ما هو فاعل . وخرج في تلك الليلة أبو سفيان ابن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يتجسسون الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العباس وكان قد خرج من مكة سمعت أبا سفيان وهو يقول " والله ما رأيت كاليوم قط نيرانا . فقال بديل هذه والله نيران خزاعة حمشتها الحرب . فقال أبو سفيان خزاعة ألام من ذلك وأذل . قال العباس فعرفت صوته فقلت يا أبا حنظلة " يعني أبا سفيان " فقال أبو الفضل ( العباس ) فقلت نعم . فقال لبيك فداك أبي وأمي فما وراءك ؟ فقلت هذا رسول الله ورائي قد دلف إليكم بما لا قبل لكم به بعشرة الآف من المسلمين قال فما تأمرني ؟ فقلت تركب عجز هذه البغلة فاستأمن لك رسول الله فوالله لئن ظفر بك ليضربن عنقك فردفني فخرجت به أركض بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو رسول الله فكلما مررت بنار من نيران المسلمين ونظروا إلي قالوا عم رسول الله على بغلة رسول الله حتى مررت بنار عمر بن الخطاب فقال لأبي سفيان الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد ثم أشتد نحو النبي صلى الله عليه وسلم وركضت البغلة وقد أردفت أبا سفيان حتى اقتحمت على باب القبة وسبقت عمر بما تسبق به الدابة البطيئة الرجل البطئ فدخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هذا أبو سفيان عدو الله قد أمكن الله منه بغير عهد ولا عقد فدعني أضرب عنقه . فقلت يا رسول الله إني قد أجرته ( 3 ) ثم جلست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت برأسه فقلت والله لا ينجيه اليوم أحد دوني فلما أكثر فيه عمر فوالله ما تصنع هذا إلا أنه رجل من بني عبد مناف ولو كان من بني عدي بن كعب ما قلت هذا . فقال مهلا يا عباس فوالله لاسلامك يوم أسلمت كان أحب إلى من إسلام الخطاب لو أسلم وذلك لأني أعلم أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله من إسلام الخطاب لو أسلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب فقد أمناه حتى تغدو به علي بالغداة فرجع به إلى منزله فلما أصبح غدا به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه قال ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله ؟ فقال بأبي أنت وأمي ما أوصلك وأحلمك وأكرمك واللذه لقد ظننت أن لو كان مع الله غيره لقد أغنى عني شيئا . فقال ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله ؟ فقال بأبي أنت وأمي ما أوصلك وما أحلمك وما أكرمك أما هذه ففي النفس منها شيء . فقال العباس فقلت له ويلك تشهد شهادة الحق قبل والله ان تضرب عنقك . قال فتشهد . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس حين تشهد أبو سفيان إنصرف يا عباس فاحبسه عند خطم الجبل بمضيق الوادي حتى تمر عليه جنود الله . فقلت له يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئا يكون في قومه . فقال نعم " من دخل دار أبي سفيان فهو آمن . ومن دخلا لمسجد فهو آمن . ومن أغلق عليه بابه فهو آمن " فخرجت حتى حبسته عند خطم الجبل بمضيق الوادي فمرت عليه القبائل فيقول من هؤلاء يا عباس ؟ فأقول سليم فيقول مالي ولسليم فتمر به قبيلة فيقول من هؤلاء ؟ فيقول أسلم فيقول مالي ولأسلم وتمر جهينة فيقول مالي ولجهينة حتى مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخضراء كتيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار في الحديد لا يرى منهم إلا الحدق فقال من هؤلاء يا أبا الفضل ؟ فقلت هذا رسول الله في المهاجرين والأنصار فقال يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما فقلت ويحك أنها النبوة . فقال نعم إذن فقلت ألحق الآن بقومك فحذرهم فخرج سريعا حتى أتى مكة فصرخ في المسجد : ( يا معشر قريش هذا محمد قد جاءكم بما لا قبل لكم به ) قالوا فمه . فقال ( من دخل داري فهو آمن ) قالوا ويحك وما تغني عنا دارك . فقال : ( ومن دخل المسجد فهو آمن ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ) . كذا في رواية ابن اسحاق . وذكر موسى بن عقبة وغيره أن العباس قال قلت يا رسول الله أبو سفيان وحكيم وبديل قد أجرتهم وهم يدخلون عليك قال أدخلهم فدخلوا عليه فمكثوا عنده عامة الليل يستخبرهم فدعاهم إلى الإسلام وأن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأ ه رسول الله فشهد بديل وحكيم وقال أبو سفيان ما أ'لم ذلك والله إن في النفس من هذا شيئا فأرجئها وفي رواية قال له صلى الله عليه وسلم يا أبا سفيان اسلم تسلم . قال كيف أصنع بالات والعزى فقال له عمر اخرأ عليهما . وكان عمر رضي الله عنه خارج القبة ثم قال عمر أما والله لو كنت خارج القبة ما قلتها . فقال أبو سفيان ويحك يا عمر إنك رجل فاحش . دعني مع ابن عمي فإياه أكلم الخ
وكان ممن لقيه صلى الله عليه وسلم في الطريق أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بن عمه صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاع من حليمة السعدية وكان مع أبي سفيان ولده جعفر وعبد الله ابن أمية المخزومي ابن عمته صلى الله عليه وسلم عاتكة بنت عبد المطلب وهو أخو أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم لأبيها لأن أمها عاتكة بنت عامر بن قيس
يقال إن الذين كانوا يشبهون النبي صلى الله عليه وسلم :
جعفر بن أبي طالب والحسن بن علي وقثم بن العباس وأبو سفيان ابن الحارث
وكان أبو سفيان بن الحارث من الشعراء المطبوعين وكان سبق له هجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وإياه عارض حسان بن ثابت بقوله :
ألا أبلغ أبا سفيان عني ... مغلغلة فقد برح الخفاء
هجوت محمدا فأحببت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
وكان لقاء أبي سفيان ومن معه النبي صلى الله عليه وسلم بنيق العقاب فيما بين مكة والمدينة . فالتمسا الدخول على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمته أم سلمة فيهما فقالت يا رسول الله ابن عمك وابن عمتك وصهرك قال لا حاجة لي بهما أما ابن عمي فهتك عرضي وأما ابن عمتي وصهري فهو الذي قال بمكة ما قال ( يعني قوله له : والله لا آمنت بك حتى تتخذ سلما إلى السماء فتعرج فيه وأنا أنظر ثم تأتي بصك وأربعة من الملائكة يشهدون أن الله أرسلك )
فلما خرج الخبر إليهما بذلك ومع أبي سفيان بنى له فقال والله ليأذنن لي أو لآخذن بيد بني هذا ثم لنذهبن في الأرض حتى نموت عطشا وجوعا . فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لهما ثم أذن لهما فأسلما وأنشد أبو سفيان قوله في إسلامه واعتذاره مما كان مضى منه :
لعمرك إني يوم أحمل راية ... لتغلب خيل اللات خيل محمد
لكا لمدلج الحيران أظلم ليله ... فهذا أواني حين أهدي وأهتدي
وهاد هداني غير نفسي ودلني ( 4 ) ... على الله من طردت كل مطرد
أصد وأنأى جاهدا عن محمد ... وادعى ولو لم أنتسب من محمد
هم ما هم من لم يقل بهواهم ... وإن كان ذا رأي يلم ويفند
أريد لأرضيهم ولست بلائط ... مع القوم ما لم أهد في كل مقعد
فقل لثقيف لا أريد قتالها ... وقل لتثقيف تلك عيري أو عدي
وما كنت في الجيش الذي نال عامرا ... وما كان عن جرى لساني ولا يدي
قبائل جاءت من بلاد بعيدة ... نزائع جاءت من سهام وسردد
قال ابن اسحاق فزعموا أنه حين أنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله ونالني مع الله من طردت كل مطرد . ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره وقال : " أنت طردتني كل كطرد " وقال علي رضي الله عنه لأبي سفيان بن الحارث عند اذنه صلى الله عليه وسلم له في الدخول عليه ائت من قبل وجهه فقال له ما قال اخوة يوسف : " تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين " فإنه لا يرضى أن يكون أحد أحسن منه قولا ففعل ذلك أبو سفيان فقال له صلى الله عليه وسلم { لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين }
_________
( 1 ) اسم هذه المرأة سارة وهي مولاة لبني المطلب وسيأتي ذكرها فيمن أهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دمه يوم فتح مكة
( 2 ) أبو رهم الغفاري اسمه كلثوم بن الحصين بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وشهد أحدا فرمى بسهم في نحره فسمى " المنحور " . واستخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة عام الفتح فلم يزل عليها حتى انصرف رسول الله من الطائف وشهد بية الرضوان وبايع تحت الشجرة وغزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك
( 3 ) قد آن لنا أن نكتب شيئا عن ترجمة أبي سفيان فهو صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس ابن عبد مناف القرشي الأموي ويكنى أبا حنظلة بابنه حنظلة ولد قبل الفيل بعشر سنين وكان من أشراف قريش وكان تاجرا يجهز التجار بماله وأموال قريش إلى الشام وغيرها من أرض العجم وكان يخرج أحيانا بنفسه وكانت إليه راية الرؤساء التي تسمى " العقاب " وإذا حميت الحرب اجتمعت قريش فرضعتها بيد الرئيس وهو الذي قاد قريشا كلها يوم أحد وكان أبو سفيان صديق العباس وأسلم ليلة الفتح وشهد حنينا والطائف مع رسول الله وأعطاه رسول الله من غنائم حنين مائة بعير وأربعين أوقية كما أعطى سائر المؤلفة وأعطى ابنيه يزيد ومعاوية وفقئت عين أبي سفيان يوم الطائف . قال يونس بن عبيد كان عتبة بن ربيعة وأخوه شيبة بن ربيعة وأبو جهل بن هشام وأبو سفيان لا يسقط لهم رآي في الجاهلية فلما جاء الإسلام لم يكن لهم رآي . وروى أنه لما أسلم ورأى المسلمين وكثرتهم قال للعباس : لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما . قال إنها النبوة قال نعم . وفقئت عينه الأخرى يوم اليرموك وشهد اليرموك تحت راية ابنه يزيد . ولما عمي أبو سفيان كان يقوده مولى له وتوفي سنة إحدى وثلاثين وكان عمره ثمان وثمانين سنة وقيل كان عمره ثلاثا وتسعين سنة
( 4 ) ويروى : ودلني على الحق ويروى : ونالني مع الله


عقد الألوية والرايات


- عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم الألوية والرايات بقديد ودفعها للقبائل كما يأتي :
أعطي لبني سليم لواء وراية . ولبني غفار راية . ولأسلم لواءين . ولبني كعب راية . ولمزينة ثلاثة ألوية . ولجهينة أربعة ألوية . ولجماعة أسلموا من بني بكر لواء . ولأشجع لواءين


نيران جيش المسلمين


- لما نزل صلى الله عليه وسلم مر الظهران أمر أصحابه فأوقدوا عشرة آلاف نار لتراها قريش أو لتسمع بها فترعب من كثرتها
قال الواقدي خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة فقائل يقول يريد قريشا وقائل يقول يريد هوازن وقائل يقول يريد ثقيفا
ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعمى عليهم الأخبار واستجاب الله لرسوله صلى الله عليه وسلم فأخذ العيون والأخبار عن أهل مكة ولم يبلغهم مسيره وهم مغتمون محزونون خائفون
وقد كان زحف الجيش سريعا جدا فإنه وصل إلى مر الظهران وهي على مرحلة من مكة في اليوم السابع أو الثامن
ولما رأى أبو سفيان بن حرب كثرة النيران قال ما رأيت كالليلة نيرانا قط ولا عسكرا
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم كل قبيلة أن تكون عند راية صاحبها وتظهر ما معها من القوة والعدة فأصبح الناس على ظهر وقدم بين يديه الكتائب ومرت القبائل على قادتها والكتائب على راياتها فجعلت القبائل كتيبة كتيبة ( وفي أثناء مرور الجيش كان أبو سفيان ينظر إليهم ) فأول من قدم خالد بن الوليد رضي الله عنه في بني سليم ثم مر على أثره الزبير بن العوام ثم مرت كتيبة بني غفار وكان يحمل رايتهم أبو ذر وهكذا إلى أن مر الجيش بأسره كما تقدم غير أنه لما حاذى سعد بن عبادة أبا سفيان قال " يا أباسفيان اليوم الملحمة . اليوم تستحل الكعبة " فقال أبو سفيان يا عباس حبذا يوم الذمار ( 1 ) وسمع مقالة سعد بن عبادة أحد الصحابة فقال يا رسول الله ما نأمن أن تكون لسعد صولة في قريش . فقال لعلي رضي الله عنه أدركه فخذ الراية منه ثم أمره أن يسلمها لأبنه قيس بن سعد بن عبادة لأنه صلى الله عليه وسلم خشي تغير خاطر سعد فأمر بدفعها لأبنه
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تركز رايته بالحجون . قال الحلبي في السيرة " وفي ذلك المحل بنى مسجد يقال له مسجد الراية " . ودخل صلى الله عليه وسلم من الثنية العليل وأمر خالد بن الوليد ومن معه أن يدخلوا من الثنية السفلى
روى البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم أقبل يوم الفتح من أعلى مكة على راحلته القصواء مردفا أسامة بن زيد رضي الله عنهما خلفه ( 2 ) ودخل واضعا رأسه الشريف على راحلته تواضعا لله تعالى حين رأى ذلك الفتح العظيم وكثرة المسلمين وهو يقول " اللهم إن العيش عيش الآخرة " وكان لواؤه صلى الله عليه وسلم يوم دخل مكة أبيضورايته سوداء تسمى العقاب وكانت من برد لعائشة رضي الله عنها
وقد أمر رسول الله رؤساء الجيش أن يكفوا أيديهم ولا يقاتلوا إلا من قاتلهم . فاندفع خالد بن الوليد رضي الله عنه حتى دخل من أسفل مكة وقد تجمع بها ناس من بني بكر وبني الحارث بن عبد مناف وناس من هذيل الذين استنصرت بهم قريش فقاتلوا خالدا ومنعوه من الدخول وشهروا السلاح ورموه بالنبل وقالوا لا تدخلها عنوة فصاح خالد في اصحابه فقاتلهم فانهزموا شر انهزام وقتل من بني بكر نحو 24 رجلا ومن هذيل أربعة حتى انتهى بهم القتال إلى الحزورة وكانت سوقا بمكة ( 3 ) ثم دخلوا الدور وارتفعت طائفة منهم على الجبال هربا وتبعهم المسلمون فصاح حكيم بن حزام وأبو سفيان " يا معشر قيش علام تقتلون أنفسكم من دخل داري فهو آمن ومن وضع السلاح فهو آمن " فجعلوا يقتحمون الدور ويغلقون أبوابها ويطرحون السلاح في الطرق فيأخذه المسلمون . وقتل من المسلمين رجلان أخطآ الطريق أحدهما كرز بن جابر الفهري والآخر الأشقر الخزاعي . قال موسى بن عقبة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بع أن اطمأن لخالد رضي الله عنه : قاتلت وقد نهيتك عن القتال فقال هم بدأونا بالقتال وقد كففت يدي ما استطعت فقال صلى الله عليه وسلم قضاء الله خير
وكان دخوله صلى الله عليه وسلم لعشر بقين من رمضان ( يناير سنة 630 م ) ومعه صلى الله عليه وسلم زوجتاه أم سلمة وميمونة رضي الله عنهما وأم سلمة هي بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومي واسمها هند وأما ميمونة فهي بنت الحارث وهي خالة خالد بن الوليد
_________
( 1 ) الهلاك
( 2 ) وهذا من مزيد تواضعه صلى الله عليه وسلم لأن أسامة خادمه وابن خادمه ولو كان فيه ذرة من الكبر لما فعل ذلك في هذا اليوم العظيم الذي تتجه فيه الأنظار إليه صلى الله عليه وسلم
( 3 ) كانت الحزورة سوق مكة وقد دخلت المسجد لما زيد فيه . وفي حديث وقف النبي صلى الله عليه وسلم بالحزورة فقال يا بطحاء مكة ما أطيبك من بلدة أو أحبك إلى ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك


المحكوم عليهم بالقتل


- وقد استثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أناسا من الدخول في الأمان وأمر بقتلهم وهو خمسة عشر ما بين رجل وامرأة وهذه أسماؤهم :
- 1 - عبد الله بن أبي سرح بن الحارث العامري
- 2 - عبد الله بن خطل
- 3 - عكرمة بن أبي جهل
- 4 - الحويرث بن نقيد
- 5 - مقيس بن صبابة
- 6 - هبار بن الأسود بن المطلب
- 7 - كعب بن زهير بن أبي سلمى المزني
- 8 - الحارث بن هشام المخزومي وهو أخو أبي جهل لأبويه
- 9 - زهير بن أبي أمية المخزومي أخو أم سلمة
- 10 - صفوان بن أمية بن خلف الجمحي
- 11 - وحشي بن حرب قاتل حمزة
هؤلاء هم الرجال وأما النساء فهن :
- 12 - 13 - قينتان كانتا عند عبد الله بن خطل تغنيان بهجاء النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين
- 14 - سارة مولاة لبني المطلب بن عبد مناف
- 15 - هند بنت عتبة زوج أبي سفيان أم معاوية
وأكثر هؤلاء أسلموا . وفيما يلي نذكر سبب إهدار دمهم
أما عبد الله بن سرح فإنه كان أسلم ثم ارتد ولحق بمكة وصار يتكلم بكلام قبيح في حق النبي صلى الله عليه وسلم فأهدر دمه صلى الله عليه وسلم يوم الفتح . فلما علم بإهدار دمه لجأ إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه وكان أخا له من الرضاع فقال يا أخي استأمن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يضرب عنقي . فغيبه عثمان رضي الله عنه حتى هدأ الناس واطمأنوا ثم أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصار يقول عثمان يا رسول الله أمنته فبايعه والنبي صلى الله عليه وسلم يعرض عنه مرارا . ثم قال نعم فبسط يده فبايعه وأسلم وحسن إسلامه
وأخطأ الأستاذ در منجم في كتابه حياة محمد فقال إن اسمه عبد الله بن سعد والصواب ما ذكرنا
عبد الله بن خطل : فإنه كان ممن قدم المدينة قبل الفتح وأسلم وكان اسمه " عبد العزى " فسماه النبي صلى الله عليه وسلم ( عبد الله ) وبعثه لأخذ الصدقة وأرسل معه رجلا
من الأنصار يخدمه وكان مسلما فنزل منزلا وأمر أن يذبح له تيسا ويصنع له طعاما ونام ثم استيقظ فلم يجده صنع له شيئا وهو نائم فعدا عليه ف . قتله
ثم ارتد مشركا وكان شاعرا فجعل يهجو النبي صلى الله عليه وسلم في شعره . وكان له قينتان تغنيانه بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان يوم فتح مكة ركب فرسه ولبس درعه وأخذ بيده قناة وصار يقسم لا يدخلها محمد عنوة فلما رأى خيل المسلمين خاف وذهب إلى الكعبة وألقى سلاحه وتعلق باستارها فوجده رسول الله عند طوافه وهو بهذه الحال فقال اقتلوه فإن الكعبة لا تعيذ عاصيا ولا تمنع من إقامة حد واجب . فقتل واختلف فيمن قتله . فأما القينتان واسمهما فرتنا وقريبة فقتلت قريبة واستؤمن رسول الله لفرتنا فأمنها فأسلمت وعاشت إلى خلافة عثمان
عكرمة بن أبي جهل : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله لأنه من أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من أشد الناس على المسلمين ولما بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدر دمه هرب ليلقى نفسه في بئر أو يموت تائها في البلاد أو كما نقول الآن : هرب لينتحر غرقا أو جوعا . وكانت امرأته أم حكيم رضي الله عنها بنت عمه الحارث بن هشام رضي الله عنه . أسلمت قبله فاستأمنت له رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمنه فقال هو آمن فخرجت في طلبه فأدركته فرجع معها وأسلم أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان بعد ذلك من فضلاء الصحابة . وخالد بن الوليد ابن عمه
الحويرث بن نقيد : أهدر دمه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان يعظم القول فيه صلى الله عليه وسلم وينشد الهجاء فيه ويكثر أذاه وهو بمكة وكان قد شارك هبار بن الأسود في نخس جمل زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجرت من مكة . قتله علي رضي الله عنه
مقيس بن صبابة : كان قد أسلم ثم أتى على أنصارى فقتله وكان الأنصارى قتل أخاه هشام بن صبابة خطأ في غزوة " ذي قرد " ظنه من العدو فجاء مقيس فأخذ الدية ثم قتل الأنصارى ثم ارتد ورجع إلى قريش فأهدر رسول الله دمه فقتله نميلة بن عبد الله الليثي رجل من قومه
هبار بن الأسود : كان شديد الأذى للمسلمين وكان عرض لزينب رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هاجرت فنخس بها الجمل حين سقطت على صخرة وأسقطت جنينها ولم تزل مريضة حتى ماتت واشترك معه في النخس الحويرث بن نقيد الذي مر ذكره . أهدر دم هبار بن الأسود يوم الفتح فهرب واختفى ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم واعترف بذنبه وأسلم فعفا عنه ومنع المسلمين من سبه معأنه كان سببا في وفاة ابنته
كعب بن زهير : كان شاعرا وكان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم بشعره وككان يعير أخاه بجيرا لأسلامه فأهدر دمه فلما بلغه أنه صلى الله عليه وسلم أمر بقتله خاف وخرج حتى قدم المدينة بعد رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من فتح مكة وأسلم أمامه وأنشد قصيدته المعروفة التي أولها :
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
وقال فيها :
إن الرسول لنور يستضاء به ... مهند من سيوف الله مسلول
فلما وصل إلى هذا البيت رمى عليه الصلاة والسلام إليه بردة كانت عليه وإن معاوية رضي الله عنه في زمن خلافته بذل له فيها عشرة آلاف درهم فقال ما كنت لأوثر بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أعطانيه أحدا . فلما مات بعث معاوية إلى ورثته بعشرين ألفا فأخذها منهم وهي البردة التي كانت عند السلاطين وكان الخلفاء يلبسونها في الأعياد وقيل أنها فقدت في وقعة التتار
وقد كان كعب بن زهير من فحول الشعراء وكذا أبوه زهير وأخوه بجير وابنه عقبة بن كعب وابن ابنه العوام بن عقبة
الحارث بن هشام : كان شديدا على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين وابنه عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام
زهير بن أبي أمية : كان أيضا شديدا في كفره كالحارث بن هشام فأهدر رسول الله دمهما يوم الفتح فهربا واختبأى في بيت أم هانئ بنت ابي طالب فأجارتهما فأجاز صلى الله عليه وسلم جوارها ثم جاءت بهما فاسلما وحسن اسلامهما
صفوان بن أمية : كان من أشد الناس عداوة وأذية لرسول الله والمسلمين فأهدر رسول الله دمه فاختفى وأراد أن يلقى نفسه في البحر فجاء ابن عمه عمير بن وهب الجمحي رضي الله عنه وقال : يا نبي الله إن صفوان سيد قومه وقد هرب ليقذف نفسه في البحر فأمنه فأنك أمنت الأحمر والأسود . فقال رسول الله أدرك بن عمك فهو آمن . فقال أعطني آية يعرف بها أمانك فإني قد طلبت منه العود فقال لا أعود معك إلا أن تأتيني بعلامةأعرفها فأعطاه صلى الله عليه وسلم عمامته التي دخل بها مكة فلحقه بها وهو يريد يركب البحر فقال له صفوان اغرب عني لا تكلمني . فقال أي صفوان فداك ابي وأمي جئتك من عند أفضل الناس وأبر الناس وأحلم الناس وخير الناس وهو ابن عمك عزه عزك وشرفه شرفك وملكه ملكك . قال إني أخافه على نفسي . قال هو أحلم من ذلك وأكرم وأراه العمامة التي جاء بها فرجع معه حتى وقف على رسول الله . فقال إن هذا يزعم أنك أمنتني قال صدق . فقال امهلني بالخيار شهرين . فقال صلى الله عليه وسلم أنت بالخيار أربعة اشهر . ولما أراد صلى الله عليه وسلم الخروج إلى حرب هوازن استقرض أربعين ألف درهم وطلب منه دروعا كانت عنده . فقال : أغضبا يا محمد . قال لا ولكن عارية مرجوعة أو مضمونة . ثم خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج لحرب هوازن وهو على شركه فلما قسم رسول الله غنائم هوازن بحنين أعطاه مائة من الإبل ثم مائة ثم مائة ثم رآه صلى الله عليه وسلم يرمق شعبا مملوءا نعما وشاء . فقال له صلى الله عليه وسلم : يعجبك هذا قال نعم . قال هو لك وما فيه . فقبض صفوان ما في الشعب وقال إن الملوك لا تطيب نفوسها بمثل هذا ما طابت نفس أحد قط بمثل هذا إلا نبي . اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فأسلم وحسن إسلامه وترك المدة التي كان طلبها
وحشي بن حرب : أهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم رمه لأنه قتل حمزة رضي الله عنه فلما فتحت مكة هرب إلى الطائف ولما خرج وفد الطائف ليسلموا ضاقت عليه المذاهب فخرج حتى قدم على رسول الله وشهد شهادة الحق ثم خرج وحشي مع من خرج لقتال أهل الردة في خلافة أبي بكر فقتل مسيلمة الكذاب بحربته التي قتل بها حمزة رضي الله عنه فكان يقول أرجو أن تكون هذه بتلك أي هذه تكفر تلك
أما القينتان فقد تقدم ذكرهما وأما سارة مولاة بني المطلب فقد أهدر رسول الله دمها لأنها كانت مغنية بمكة تغني بهجاء النبي صلى الله عليه وسلم وقيل هي التي كان معها كتاب حاطب ابن أبي بلتعة ( 1 ) وكانت قدمت المدينة تشكو الحاجة وتطلب الصلة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان في غنائك ما يغنيك . فقالت أن قريشا منذ قتل من قتل منهم ببدر تركوا الغناء فوصلها وأوقر بعيرا طعاما فرجعت إلى مكة وكان ابن خطل يلقى إليها هجاء رسول الله فتغنى به فاختفت عند فتح مكة ثم استؤمن لها رسول الله فجاءته وأسلمت وحسن إسلامها
هند بنت عتبة بن ربيعة زوج أبي سفيان وأم ابنة معاوية
أخدر دمها رسول الله لأنها مثلت بعمه حمزة رضي الله عنه يوم أحد ( 2 ) فلما كان يوم الفتح اختفت في بيت أبي سفيان زوجها ليلة واحدة وكانت هند امرأة ذات أنفة وعقل . حضرت قتال الروم يوم اليرموك مع أبي سفيان وكانت تشجع المسلمين وتحرضهم على القتال مع بقية النسوة اللاتي كن معها
من هذا يتبين أن عدد الذين قتلوا ممن أهدر دمهم رسول الله ثلاثة رجال وامرأة وأسلم الباقون . قال الأستاذ موير أن الذين قتلوا فعلا هم أربعة فقط . وقد اختفى عتبة ومعتب ابنا أبي لهب ثم اسلما واختفى أيضا سهيل بن عمرو وكان أبنه مسلما ثم أسلم بالجعرانة ( 3 )
وجاء في كتاب ثاريخ الأمم الإسلامية للمرحوم الشيخ محمد الخضري ص 187 ما يأتي :
وأمر حين دخوله مكة بقتل أفراد ذوي جرائم خاصة بهم فقتل أكثرهم
وهذا ليس بصحيح فالذين قتلوا هم الأقلون لا الأكثرون . وضربت لرسول الله قبة من أدم بالحجون فمضى الزبير بن العوام برايته حتى ركزها عندها وجاء رسول الله فدخلها فقيل له ألا تنزل منزلك ؟ فقال : وهل ترك عقيل لنا منزلا
الطواف : ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة ومعه المسلمون استلم الركن بمحجنه وكبر فكبر المسلمون لتكبيره ورجعوا التكبير حتى ارتجت مكة تكبيرا حتى جعل يشير إليهم رسول الله أن اسكتوا والمشركون فرق الجبال ينظرون فطاف بالبيت ومحمد بن مسلمة آخذ بزمام الناقة سبعا يستلم الحجر الأسود كل طوفة بمحجنه وكان ذلك يوم الاثنين لعشر بقين من رمضان كما تقدم وهو حلال غير حرام . ولما فرغ رسول الله من طوافه نزل عن راحلته ثم انتهى إلى المقام فصلى ركعتين ثم انصرف إلى زمزم وفقال : لولا أن تغلب بنو عبد المطلب لنزعت منها دلوا فنزع له العباس دلوا فشرب منه وتوضأ والمسلمون يبتدرون وضوءه يصبونه على وجوهم والمشركون يعجبون ويقولون : ما رأينا ملكا قط أبلغ من هذا ولا سمعنا به
_________
( 1 ) راجع السيرة النبوية لدحلان وتاريخ ابي الفدا
( 2 ) راجع غزوة أحد
( 3 ) الجعرانة هي ماء بين الطائف ومكة وهي إلى مكة أقرب


دخول الكعبة


- جلس رسول الله في ناحية المسجد وأبو بكر رضي الله عنه قائم على راسه بالسيف ثم دعا عثمان بن طلحة حاجب الكعبة ( 1 ) فأخذ منه مفتاح الكعبة ودخلها وصلىركعتين بين العمودين اليمانيين ثم وقف على باب الكعبة وقال :
لا إله إلا الله وحده لا شريك له . صدق وعده ونصر عبد وهزم الأحزاب وحده . إلا كل مأثرة أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت ( 2 ) وسقاية الحاج . ألا وقتل الخطأ مثل العمد السوط والعصا فيهما الدية مغلظة فيها أربعون خلفة ( 3 ) في بطونها أولادها . يا معشر قريش إن الله قد اذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء . الناس من آدم وآدم خلق من تراب . ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم { يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعبا وقبائل لتعارفوا . إن أكرمكم عند الله أتقاكم } الآية يا معشر قريش ويا أهل مكة ما ترون أني فاعل بكم . قالوا خيرا . أخ كريم وابن أخ كريم . ثم قال :
اذهبوا فأنتم الطلقاء " فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد كان الله أمكنهم من رقابهم عنوة وكانوا له فيئا فبذلك يسمى أهل مكة " الطلقاء " أما مفتاح الكعبة فقد رده رسول الله إلى عثمان بن طلحة وقال : خذوها يا بني طلحة خالدة لا ينزعها منكم أحد إلا ظالم
ودفع السقاية إلى العباس بن عبد المطلب
_________
( 1 ) في طبقات بن سعد أن رسول الله أرسل بلالا إلى عثمان بن طلحة
( 2 ) سدانة البيت خدمته
( 3 ) الخلفة الناقة الحامل


البيعة


- اجتمع الناس بمكة لبيعة رسول الله فجلس لهم على الصفا وعمر بن الخطاب تحت رسول الله صلى الله عليه وسلم اسفل من مجلسه يأخذ على الناس فبايع رسول الله على السمع والطاعة لله ولرسوله فيما استطاعوا وكذلك كانت بيعته لمن بايع رسول الله من الناس على الإسلام . فلما فرغ رسول الله من بيعة الرجال بايع النساء واجتمع إليه نساء من نساء قريش فيهن هند بنت عتبة منتقبة متنكرة لحدثها وما كان من صنيعها بحمزة فهي تخاف أن يأخها رسول الله بحدثها فلما دنون منه يبايعنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعنني على أن لا تشركن بالله شيئا . فقالت هند : والله إنك لتأخذ علينا أكرا تأخذه على الرجال وسنؤتيكه . قال : ولا تسرقن . قالت والله إن كنت لأصيب من مال أبي سفيان الهنة والهنة وما أدري أكان ذلك حلالا أم حرام . فقال أبو سفيان وكان شاهدا لما تقول أما ما أصبت فيما مضى فأنت منه في حل . فقال رسول الله وإنك لهند بنت عتبة . فقالت أنا هند بنت عتبة فاعف عما سلف عفا الله عنك . قال ولا تزنين . قالت يا رسول الله هل تزني الحرة ؟ قال ولا تقتلن أولادكن . قالت قد ربيناهم صغارا وقتلتهم يوم بدر كبارا فأنت وهم أعلم . فضحك عمر بن الخطاب من قولها حتى استغرب . ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن . قالت والله إن إتيان البهتان لقبيح ولبعض التجاوز أمثل . قالولا تعصينني في معروف . قالت ما جلسنا هذا المجلس ونحن نريد أن نعصيك في معروف . فقال رسول الله لعمر : بايعهن واستغفر لهن رسول الله . وكان رسول الله لا يصافح النساء ولا يمس امرأة ولا تمسه امرأة أحلها الله له أو ذات محرم منه
هذا وقد ذهب الشافعي وأحمد رضي الله عنهما إلى أن رسول الله دخل مكة وملكها صلحا ويرى أبو حنيفة والأكثرون أنه فتحها عنوة


هدم الأصنام


- دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وعلى الكعبة ( 360 ) صنما لكل حي من أحياء العرب صنم قد شدوا أقدامها بالرصاص . فجاء صلى الله عليه وسلم ومعه قضيب فجعل يهوي به إلى كل صنم فيخر منها لوجهه وهو يقول : " جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا " . وأمر بكسر هبل ( 1 ) وقد أخرجت جميع الأصنام من المسجد واحرقت ومحيت كل صورة بالكعبة وأخرجوا صورة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام في أيديهما الأزلام التي كانوا يستقسمون بها ونادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع في بيته صنما إلا كسره فكسروا الأصنام التي كانت في بيوتهم . ثم بعث رسول الله السرايا لكسر الأصنام التي حول مكة لأنهم كانوا اتخذوا لهم اصناما جعلوها بيوتا يعظمونها ويهدون لها ويطوفون بها كما يطوفون بالكعبة فكان في كل حي صنم فمنها " العزى ومناة وسواع وبوانة وذو الكفين "
_________
( 1 ) راجع باب عبادة الأصنام


أذان بلال على ظهر الكعبة


- أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا رضي الله عنه أن يؤذن ظهر يوم الفتح على ظهر الكعبة فلم يرق أذان بلال لبعض من سمعه من أهل مكة فمن قائل " والله إن هذا لحدث عظيم . عبد بني جمح يصيح على بنية أبي طلحة " ولم يقل أبو سفيان شيئا خشية أن يعلم بقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى من الحصباء وصار بعض من قريش يستهزئون ويحكون صوت بلال غيظا وكان من جملتهم أبو محذورة وكان من أحسنهم صوتا فلما سمعه رسول الله أمره أن يؤذن لأهل مكة وكان سنة 16 سنة وتوارث أولاده الأذان بمكة بعده


إسلام أبي قحافة ( عثمان بن عامر التيمي )


- ذهب أبو بكر رضي الله عنه وجاء بأبيه عثمان ويكنى بأبي قحافة يقوده وقد كف بصره فلما رآه صلى الله عليه وسلم قال : هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتية ؟ فقال : أبو بكر : هو أحق أن يمشي إليك من إن تمشي أنت إليه . فأجلسه بين يدي رسول الله فمسح رسول الله صدره وقال : " أسلم تسلم " فأسلم وهنأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر بإسلام أبيه . قال المسعودي توفي أبو قحافة في خلافة عمر بن الخطاب وهو ابن تسع وتسعين سنة وذلك في سنة 13 هجرية وهي السنة التي استخلف فيها عمر بن الخطاب " وهو أول من ورث خليفة في الإسلام
أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد فتحها ثمانية عشر يوما ( كما اعتمده البخاري ) يقصر الصلاة في مدة اقامته بها لأنه كان يترقب المسير إلى الحرب هوازن لسماعه بتجهزهم لمحاربته

0 commentaires:

إرسال تعليق