أخي المسلم السني


أخي المسلم السني:

 وبعد هذه الرحلة القصيرة في معرفة الشيعة الإمامية الإثني عشرية، فاعلم أنه لا لقاء بيننا وبين الفرق المُخالفة للكتاب والسنة إلاّ وفق الأصول الشرعية التي نصّت عليها الآية الكريمة، قال الله تبارك وتعالى: ((قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)) [آل عمران:64]. وهي توحيد
الله تعالى ونبذ الإشراك به، وطاعته في الحكم والتشريع، وإتباع خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم.
فيجب أن تكون هذه الآية شعار كل مجادلة، وكل جُهِد يُبذل لتحقيق غير هذه الأصول فهو باطل.. باطل. باطل([1]).
إن شيوخ الشيعة اليوم وهم يزعمون أنه لا خلاف بينهم وبين المسلمين، ويدّعون أن يرجع المسلمون إلى كتبهم؟؟
فكيف يحتجٌ ويثق المسلمون بكتب الشيعة التي تواتر فيها الطعنُ في كتاب الله تعالى، وأنه ناقصٌ ومحرفٌ.
وكيف نجتمع مع الشيعة على كتاب الله على حسب تأويلهم المنحرف، وتفسيرهم الباطني؟، ثم كيف يؤمن المسلمون بتلك الدعاوى الشيعية التي تزعم بنُزول كتب إلهية سماوية على أئمتهم بعد القرآن؟
كيف نجتمع مع الشيعة في السنّة: وهم يزعمون أنْ أقوال أئمتهم الإثني عشر كأقوال الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأنّ الرسول الله صلى الله عليه وسلم كتم جزءاً من الشريعة وأودعه أئمتهم، ويؤمنون بحكايات الرقاع، ويبنون عليها دينهم، ويقبلون مرويات الكذبة والدجالين، ويطعنون في خيار الخلق بعد النبيين عليهم الصلاة والسلام؟
كيف نجتمع مع الشيعة: وهم يقذفون عائشة وحفصة زوجتي رسول ربّ العالمين، أمهات المؤمنين رضي الله عنهما بالزنا؟
كيف نجتمع مع الشيعة: وهم يرفضون الإجماع، ويتعمّدون مخالفة المسلمين؛ لأنّ في مخالفة المسلمين الرشاد في اعتقادهم؟
كيف نجتمع مع الشيعة: وهم يُكفرون جميع المسلمين، وعلى رأسهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسهم الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم، وزوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم؟([2]).
كيف نجتمع مع الشيعة وهم يقولون كما تقدّم: (إنا لم نجتمع معهم - أي مع أهل السنة- على إله، ولا على نبي، ولا على إمام؛ وذلك أنهم يقولوا: إنّ ربهم هو الذي كان محمداً نبيّه، وخليفته بعده أبو بكر ونحن لا نقول بهذا الرّبّ، ولا بذلك النبيّ، بل نقول: إنّ الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس ربنا ولا ذلك النبي نبينا)([3]).
وإنّ هذه الأمة المرحومة، أمة الإسلام، لن تجتمع على ضلالة، ولا يزال فيها بحمد الله طائفة ظاهرة على الحق، حتّى تقوم الساعة([4])، من أهل العلم والقرآن، والهدى والبيان، تنفي عن دين الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين, وتأويل الجاهلين، فكان حقاً علينا وعلى جميع المسلمين: التعليم والبيان والنصح والإرشاد، وصد العاديات عن دين الإسلام، ومن حذّر فقد بشّر)([5]).
(ومن أراد الله سعادته جعله يعتبرُ بما أصاب غيره فيسلك مسلك من أيده الله ونصره، ويجتنب مسلك من خذله الله وأهانه)([6]).
(اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نُفتن)([7]).
قال أصحاب السماحة والفضيلة رئيس وأعضاء اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - وفقه الله - وسماحة نائبه الشيخ عبد الرزاق عفيفي- رحمه الله- وعضوية فضيلة الشيخ عبد الله بن قعود، وفضيلة الشيخ عبد الله الغديان وفقهما الله تعالى.
 الفتوى رقم (7807) (إن الدروز والنصيرية والإسماعيلية، ومن حذا حذوهم من البابية والبهائية قد تلاعبوا بنصوص الدين، وشرعوا لأنفسهم ما لم يأذن به الله، وسلكوا مسلك اليهود والنصارى في التحريف والتبديل، اتباعاً للهوى، وتقليداً لزعيم الفتنة الأول: عبد الله بن سبأ الحميري رأس الابتداع والإضلال والإيقاع بين جماع المسلمين، وقد عمَّ شره وبلاؤه وافتتن به جماعات كثيرة فكفروا بعد إسلامهم، وتمكّنت بسببه الفرقة بين المسلمين، فكانت الدعوة إلى التقارب بين هذه الطوائف وجماعة المسلمين الصادقين دعوة غير مفيدة، وكان السعي في تحقيق اللقاء بينهم وبين الصادقين من المسلمين سعياً فاشلاً؛ لأنهم واليهود والنصارى تشابهت قلوبهم في الزيغ والإلحاد والكفر والضلال والحقد على المسلمين والكيد لهم، وإن تنوّعت منازعهم ومشاربهم واختلفت مقاصدهم وأهواؤهم، فكان مثلهم في ذلك مثل اليهود والنصارى مع المسلمين، ولأمر ما سعى جماعة من شيوخ الأزهر المصريين مع القُمى بذلك قلة من كبار العلماء الصادقين ممّن طهرت قلوبهم، ولم تعركهم الحياة، وأصدروا مجلة سموها: مجلة التقريب، وسرعان ما انكشف أمرهم لمن خُدع بهم، فباء أمر التقريب بالفشل، ولا عجب فالقلوب متباينة، والأفكار متضاربة، والعقائد متناقضة، وهيهات هيهات أن يجتمع النقيضان، أو يتفق الضدّان)([8]).
وسُئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - وفقه الله تعالى-:
(س7: من خلال معرفة سماحتكم بتاريخ الرافضة، ما هو موقفكم من مبدأ التقريب بين أهل السنة وبينهم؟
ج: التقريب بين الرافضة وبين أهل السنة غير ممكن؛ لأنّ العقيدة مختلفة، فعقيدة أهل السنة والجماعة توحيد الله وإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى، وأنه لا يُدعى معه أحدٌ لا ملك مقّربُ ولا نبيّ مرسل، وأنّ الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم الغيب، ومن عقيدة أهل السنة: محبة الصحابة رضي الله عنهم جميعاً والترضي عنهم، والإيمان بأنهم أفضل خلق الله بعد الأنبياء، وأن أفضلهم أبو بكر الصديق، ثم عمر، ثم عثمان ثم علي رضي الله عن الجميع.
والرافضة خلاف ذلك، فلا يمكن الجمع بينهما، كما أنه لا يمكن الجمع بين اليهود والنصارى والوثنيين وأهل السنة، فكذلك لا يمكن التقريب بين الرافضة وبين أهل السنة لاختلاف العقيدة التي أوضحناها.
س8: وهل يمكن التعامل معهم لضرب العدو الخارجي كالشيوعية وغيرها؟
ج: لا أرى ذلك ممكناً، بل يجبُ على أهل السنة أن يتحدوا وأن يكونوا أمة واحدة، وجسداً واحداً، وأن يدْعوا الرافضة أن يلتزموا بما دلّ عليه كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم من الحق، فإذا التزموا بذلك صاروا إخواننا وعلينا أن نتعاون معهم، أما ما داموا مصرِّين على ما هم عليه من بُغض الصحابة وسبِّ الصحابة إلا نفراً قليلاً، وسبَّ الصدّيق وعمر، وعامة أهل البيت كعلي رضي الله عنهم وفاطمة والحسن والحسين، واعتقادهم الإثني عشر أنهم معصومون وأنهم يعلمون الغيب، كلُّ هذا من أبطل الباطل، وكلُّ هذا يُخالف ما عليه أهل السنة والجماعة)([9]).
((هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ)) [آل عمران:119].
اللهم إني قد بينتُ ونصحتُ في هذا كلّ مسلم قدّر نفسه حق قدرها، مؤمناً بالله رباً وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبينّا ورسولاً، فأذعن للحق، اللهم فأشهد)([10]).
وإنني أدعو مشايخي وإخواني طلبة العلم إلى بذل الجهد في التحذير من البدع والإحداث في الدين.
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خطيباً، فكان فيما قال: ألا، لا يمنعنّ رجلاً هيبةُ الناس أن يقول بحقُ إذا علمهُ، قال: فبكى أبو سعيد، وقال: قد والله! رأينا أشياء فَهِبْنَا)([11]).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين، تمسّكوا بها، وعضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإنّ كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)([12]).
وقال صلى الله عليه وسلم: (ما ابتدع قومٌ بدعةً إلا نزع الله عنهم من السُّنةِ مثلَها)([13]).
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (أن تحذير الأمة من البدع والقائلين بها واجبٌ باتفاق المسلمين)([14]).
وأختم كتابي هذا بحديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: (كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنتُ أسأله عن الشرِّ مخافةَ أن يدركني، فقلت: يا رسول الله: إنا كنّا في جاهلية وشرِّ، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد الخير شرٌّ؟ قال صلى الله عليه وسلم: نعم! فقلتُ: هل بعد ذلك الشرّ من خير؟ قال صلى الله عليه وسلم: نعم، وفيه دَخَنٌ قلتُ: وما دَخنُه؟ قال صلى الله عليه وسلم: (قومٌ يسْتنُّونَ بغير سُنّتي، ويهدون بغير هديي، تعرفُ منهم وتنكر، فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال صلى الله عليه وسلم: نعم قوم من جلدتنا! ويتكلمون بألسنتنا! قلت: يا رسول الله: فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين، وإمامهم! فقلتُ: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال صلى الله عليه وسلم: فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعضّ على أصل شجرة، حتى يدركك الموتُ وأنت على ذلك)([15]).
(قال أبو العالية: تعلموا الإسلام، فإذا تعلمتموه فلا ترغبوا عنه، وعليكم بالصراط المستقيم، فإنه الإسلام، ولا تنحرفوا عن الصراط يميناً ولا شمالاً، وعليكم بسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم وإياكم وهذه الأهواء. انتهى.
تأمّل كلام أبي العالية هذا ما أجلّهُ، واعرف زمانه الذي يحذر فيه من الأهواء التي من اتبعها فقد رغب عن الإسلام، وتفسير الإسلام بالسنة، وخوفه على أعلام التابعين وعلمائهم من الخروج عن السنة والكتاب! يتبينُ لك معنى قوله تعالى: ((وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) [البقرة:132]، وقوله: ((وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ)) [البقرة:130].
وأشباهُ هذه الأصول الكبار التي هي أصل الأصول، والناسُ عنها في غفلة، وبمعرفته يتبين معنى الأحاديث في هذا الباب وأمثالها، وأمّا الإنسانُ الذي يقرأها وأشباهها، وهو آمنُ مطمئن أنها لا تناله!! ويظنّها في قوم كانوا فبادوا!! ((أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ)) [الأعراف:99].
أسال الله سبحانه أن يهدي ضالٌ المسلمين، وأنّ يُذهب عنا وعنهم البأس، وأن يصرف عنا وعنهم كيد الكائدين، والفتن والفواحش، ما ظهر منها وما بطن، وأن يثبتنا جميعاً على الإسلام حتى نلقاه، وأنّ يرزقني الإخلاص والصواب في القول والعمل، وأن يصلح لي النيّة والذريّة وأن يُحسن لي الخاتمة، وأن يغفر لي ولوالدي وأهلي ومشايخي والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين، إنّ الله لسميع الدعاء ويرحم الله عبداً قال: آمين.
يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلاله وجهك، وعظيم سلطانك والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.


([1]) يُنظر: الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان للشيخ بكر أبو زيد شفاه الله تعالى، (ص:29).
([2]) مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة (رسالة ماجستير) لشيخنا ناصر القفاري (1/375-390) بتصرف.
([3]) الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري (2/278-279).
([4]) لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك) رواه البخاري (3442)، ومسلم باب (53)، (ج:1037)، رحمهما الله تعالى.
([5]) الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان للشيخ العلامة بكر أبو زيد شفاه الله تعالى، (ص:11).
([6]) مجموع الفتاوى (35/388).
([7]) من دعاء ابن أبي مليكة رحمه الله تعالى، رواه البخاري، ج (6641)، ومسلم، (ج:2293).
([8]) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (2/133-134).
([9]) مجموعة فتاوى سماحته رحمه الله تعالى (5/130-131).
([10]) كتاب الإبطال للشيخ بكر أبو زيد شفاه الله تعالى، (ص:28-29)، بتصرف بسير.
([11]) رواه الإمام أحمد، (ج:11516)، وابن ماجة، (ج:4007)، باب: الأمر والنهي عن المنكر، والترمذي، (ج:2191)، باب ما جاء في أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، وصحّحه العلامة الألباني في الصحيحة، (ج:168).
([12]) رواه أبو داود واللفظ له، (ج:2676)، باب: ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، وصحّح إسناده الحاكم في المستدرك، كتاب العلم: (1/95-96)، ووافقه الذهبي، وصحّحه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة، (ج:42).
([13]) رواه الإمام أحمد، (ج:16970)، وجوّد إسناده الحافظ في الفتح (13/267).
([14]) مجموع الفتاوى (28/231).
([15]) رواه البخاري، (ج:3411)، باب: علامات النبوة في الإسلام، ومسلم، (ج:1847)، باب: (وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وفي كل حال، وتحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة. 

0 commentaires:

إرسال تعليق