65- الدكتور المصري عبده ابراهيم والد الدكتور عيسي عبده رائد الأقتصاد الإسلامي




إن الأزهر على طول عمره كان منارة علم ومرتعاً للعلماء خرج منه أسماء لا تحصى ممن أثروا المكتبة الإسلامية بعلوم وفنون شتى ..وإن للأزهر علماء قل من سمع عنهم وقل من أحبهم
ربما لأنهم لم يحصلوا على الدعاية المطلوبة وربما لأن الناس فى غفلة من أمرهم.

سأحدثكم هنا عن أحد هؤلاء.

بذرة طيبة نبتت فى أرض طيبة فأنبتت لنا شجرة طيبة سنظل نقطف ثمارها إلى يوم الدين
إنه رائد الإقتصاد الإسلامى الشيخ الدكتور عيسى عبده رحمه الله
وقبل أن أحكى عن هذا الطود الشامخ يلزمنا وقفه مع الأرض التى نبت فيها مع الدكتور عبده إبراهيم رحمه الله
كان والده الدكتور عبده إبراهيم رحمه الله نصرانياً هو ابن إبراهيم عبد الملك ولد بحى الظاهر بالقاهرة سنة 1883 من الميلاد
كانت حياة الدكتور عبده إبراهيم تمر كحياة أى نصراني حتى وصل إلى المرحلة الثانوية التى قضى فيها أربع سنوات من 1896 إلى 1900 كان يدرس وهو في المرحلة الثانوية مع زميلين له في بيوتهم، وكان هذين الزميلين مسلمين، فكان يراهما عند حلول وقت الصلاة يستأذنان فيتوضآن ويصليان العصر ثم يعودان .. وتكررت هذه العملية طيلة فترة الدراسة المشتركة .. وكان عبده طالب الثانوية العامة يراقبهما فى الصلاة وفى الحركات والأصوات وهذا كان أول خيط فى النسيج الطيب .. وهنا بدأت عبده يفكر من على حق فيهم ومن على باطل وظن عبده إن صديقيه لديهما نفس الأسئلة فبادئهما بالسؤال .. وأول شىء فعله هو الوضوء فقط ليجرب .. ثم سألهما على حكمة الوضوء والصلاة وماكان لدى الشباب الصغير العمر رداً سديداً على هذه الأسئلة .. وكانت بداية النهاية فقد قال لهما "إننا جميعاً مقلدين ولاخير فينا مالم ندرك حقيقة مانختار فهلا تعاهدنا جميعاً على البحث فى حقائق الدين وأسباب ما نحن عليه من خلاف فيه بالرغم مما نحسه جميعاً من حب وود يجمعنا" وإستغرق عبده وصدقى فى دراسة الأديان أما ثالثهما قد زهد فى هذه الدراسة لحالته المادية الغير مناسبة فإنكب على دراسته ونجح فى الثانوية وأما الباحثين عن الحق فرسبا لإنهماكهما فى البحث عن حقائق الدين وظن الأهل أن الشابين إنحرفا .. أما الباحثين فقد إستكملا طريق البحث عن الحق وتابعا الندوات العلمية والكتب البحثية مما أدى إلى تعرفهما على الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله فلازماه .. ثم مرت سنه الإعادة ونجح الصديقان الباحثان عن الحقيقة ودخلا كلية الطب .. فما إن دخل الطالب عبده إبراهيم كلية الطب وبَعُدَ عن مؤثرات أهله، حتى تفتقت التربة الصالحة عن شجرة الإيمان وبدأت تنمو وتكبر .. وحينما وصل إلى دراسة التشريح أصابته خشية الله نتيجة رؤية الموتى .. ففاتح صديقية فى رغبته فى إعتناق الإسلام .. فنصحاه بإكمال دراسته مخفياً دينه حتى التخرج فيستطيع أن يوفر الكسب الحلال لنفسه .. فرضخ الدكتور الشاب لطلبات صديقيه .. ولكن نور الله لا يستطيع إحد أن يخفيه .. فلما تخرج وأصبح طبيب إمتياز، لم يعد يطيق كتمان ما في داخله، وكان شهر رمضان وتخلف عبده عن حضور الغداء فى يوم الأحد مع الأسرة .. ثم فى الأحد التالى إمتنع أباه عن الأكل بإنتظار إبنه الطبيب .. ثم كان الأحد الثالث فى هذا الرمضان .. وكانت العاصفة حيث صارحه أباه بما راوده من شكوك .. هنا آن أن يلقى حموله وينهى حياته القلقة .. فأعلم أباه بإسلامه .. فعرض عليه المال والزواج .. فعرض عبده عليه الإسلام .. فتوعده أباه بالويل والثبور وعظائم الأمور .. فإندفع الإبن المسلم إلى خارج لدار فخرجوا ورائه يسبونه ويقذفونه بالطوب .. فخرج إلى الشوارع وراجع نفسه فوجد أنه ليس لديه شىء لا كتبه ولا أدواته ولا ملابسه ولا يملك المال بالطبع فإستضافه صديقه فى طريق البحث الدكتور صدقى وأنفق عليه صديقهم الثالث .. ثم وجد أهل الدكتور عبده إبنهم .. فدعوه إلى مناقشة رجال الدين النصراني .. فوافقهم وكانت المناظرة فى بيت أبيه .. وفى يوم المناظرة فى الصباح ذهب الدكتور إلى الشيخ محمد رشيد رضا فأرشده إلى الأسئلة المضادة والأدلة من الكتب السابقة وغير ذلك مما خفى عليه من فنون المناظرة .. وكانت المناظرة وكانت الردود المفحمة من الطبيب الشاب وألجم رجال الدين النصارى .. وإنتهت الجلسة بأنهم يلتقون مرة أخرى مع رجال أقوى أما الحضور فقد تشككوا فى دينهم وأصبحت المسلمات عندهم معلقات واعلن القساوسة صب اللعنات على الطبيب عبده .. ثم كان اليوم الموعود مع أعلم علماء النصارى وجاء الناس منتظرين الهزيمة النكراء للطبيب الشاب .. وكان رد عبده رداً قوياً لا يخرج سوى من باحث قضى عمره فى البحث عن الحق .. فحاربه أهله ولكنه لم يرضخ لهم، وتزوج فتاة مسلمة من بيت علم ودين .. وكانت قصة الزواج أحد العذابات التى تعرض لها هذا الرجل المهاجر بدينه .. وأنجب منها عام 1907 ابنه البكر عيسى الذي أصبح فيما بعد الدكتور/ عيسى عبده المفكر والباحث والمستشار في الاقتصاد الإسلامي، عليه رحمة الله ثم فى عام 1910 أنجب إبنه الثانى هو الدكتور محمد عبده رحمه الله أستاذ الهندسة فى جامعات سويسرا
وكان السبب فى إختيار الإسم عيسى مارواه د.عيسى عبده ابراهيم على لسان أبيه بشأن تسميته "عيسى" حيث قال : (إن بيني وبين ربي عهدا لا يعلمه إلا هو، وإني أسير على الدرب لا أحيد، إنني حين تمسكت بالاسم الذي اختاره أبي وهو "عبده" تعلق رجائي بأن يمتد بي الأجل حتى أتزوج وأن أرزق مولودا أدعوه "عيسى"، وعاهدت ربي على تنشئته تنشئةً صالحة، ولأدعون له بطول العمر والتوفيق إلى مافيه رضا الله وبأن يكون له في حياته ومن بعد حياته أحسن الذكر على ألسنة العباد، ولذا جعلت من وجود هذا الولد شهادة تنبض بالحياء بأن "عيسى " "عبده" وما هو بولده، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.....فكلما ذكره الذاكرون غائبا أو حاضرا .. حيا أو ميتا .. كان ذكرهم هذا شهادة مني بين يدي الله عز وجل بأن عيسى عبده..(
هو أستاذ الإقتصاد الإسلامى بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، وأستاذ الحضارة الإسلامية بكلية الإقتصاد والتجارة بالجامعة الليبية، أستاذ إدارة الأعمال بكليات الإقتصاد والتجارة بجامعة عين شمس وبالجامعة الليبية، أستاذ منتدب بكليات الهندسة بجامعة القاهرة والإسكندرية، أستاذ منتدب بالمعهد العالى لشئون القطن وبالمعهد العالى للدراسات الإسلامية، ومحاسب قانونى .
هو رائد البنوك الإسلامية والذى عمل على تحقيق حلم البنك الإسلامى فكان بنك دبى الإسلامي أول بنك إسلامى ثم كان بنك فيصل.
إن من الوفاء لهذا الرجل أن يعرف هذا الجيل بعض هذه الجهود التي بذلها الدكتور عيسى عبده، وإخوانه، كي ينطلق شباب الصحوة الإسلامية لإكمال المسيرة في كل الميادين، فكل ميسر لما خُلق له. وفاته كانت وفاة أستاذنا في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية يوم 9/1/1980مـ، وقد تم نقل جثمانه إلى مدينة الرسول عليه الصلاة والسلام "المدينة المنورة" حيث دفن بالبقيع حسب أمنيته. رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
من أقوال الكتور عيسى عبده : (إن الإسلام لا يفرض على القوة العاقلة في الإنسان حالة من الجمود والتعطيل.. بل على العكس من ذلك، إنه يدعو إلى إعمال العقل حيث ينبغي له أن يعمل، ومجاله واسع في هذا الوجود المشهود، في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار، وفيما خلق الله من شيء.. أما أن يتطاول العقل ليحكم على القواعد الآمرة والناهية التي تحكم السلوك، أو يحاول أن يجيء من عنده بأسس نظرية يقيم عليها الحكم المعين، فإذا انهارت هذه الأسس بقي الحكم معلقاً حتى يصل العقل إلى غيرها.. نقول: أما هذا الذي يطيب لبعض الباحثين، فهو عندنا إثم كبير)

ترجمة رائد البنوك الإسلامية الدكتور عيسى عبده
لسماع قصة حياة الدكتور عبده إبراهيم إضغط هناللوصول إلى تسجيلات للدكتور عيسى عبده إضغط هنا
من كتب الدكتور :

-
العقود الشرعية الحاكمة للمعاملات الإسلامية
-
دراسات في الاقتصاد الإسلامي
-
وضع الربا في بناء الاقتصاد القومي
-
الإقتصاد الإسلامى مدخل ومنهاج
-
التأمين بين الحل والتحريم
-
النظم المالية فى الإسلام
-
حقيقة الإنسان
-
الإقتصاد الإسلامى، مدخل و منهاج
-
البنوك الإسلامية... فى مراحل الدراسة والإنشاء والإدارة
-
بحوث فى الربا
-
بترول المسلمين
-
الزكاة أداةٌ اقتصادية
-
التأمين بين المؤيدين والمعارضين
-
التأمين بين الأصيل والبديل
-
نحو إقتصاد إسلامى سليم ... لماذا حرم الله الربا؟
-
الربا ودوره فى ا ستغلال موارد الشعوب
-
وضع الربا فى البناء الإقتصادى
-
بنوك بلا فوائد
-
حاجة المسلمين إلى خطة العمل
-
القرآن والدراسات الإقتصادية
-
النظم المالية فى الإسلام
-
حديث الفجر
-
دراسات فى الإقتصاد السياسى
-
مذكرة فى التنظيمات الإتحادية
-
النقود والمصارف – بالإشتراك مع الدكتور/ عبد العزيز مرعى
-
اقتصاديات النقود والمصارف – بالإشتراك مع الدكتور/ عبد العزيز مرعى
-
شركات الأموال
-
تمويل المشروعات - بالإشتراك مع الأستاذ/ محمد حمزة عليش
-
إدارة المشروعات فى مراحل الإنتاج والتوزيع
-
التصنيع ومشكلاته - جزئين
-
المشكلات الإقتصادية المعاصرة فى الإقليم المصرى - بالإشتراك مع الدكتور/ عبد العزيز مرعى
كما أن له العديد من المقالات فى المجلات الإقتصادية المتخصصة كالأهرام الإقتصادى ... وبحوث فى المجلات التى تصدر عن الجمعيات الإسلامية كمجلة المسلمون ... والعديد من المحاضرات النافعة.
رحم الله الدكتور إبراهيم عبده وولديه عيسى ومحمد ورحم الله رفاق طريق الهداية ورحم الله الشيخ محمد رشيد رضا
.

0 commentaires:

إرسال تعليق