طعن الشيعة الإمامية في الإمام الشافعي رحمه الله


الإمام محمد بن إدريس الشافعي عند هؤلاء القوم (ابن زنا)!
ففي الكشكول ليوسف البحراني ما نصه:
«ونقل السيد المشار إليه في الكتاب المذكور نقل بعض علمائهم أن أم محمد بن إدريس لما غاب عنها زوجها جاء إليها بعد أربع سنين فوجدها حاملاً بمحمد فوضعته، فلما بلغ هذا المبلغ من العلم والرئاسة وعرف ذلك الحال ذهب إلى هذا القول.

وبعض محققيهم جعل العلة فيه أن أبا حنيفة كان في الوجود ولا يجتمع إمامان ناطقان في عصر واحد، فاستتر الشافعي في بطن أمه أربع سنين، ولما علم بموت أبي حنيفة خرج إلى عالم الوجود.
فانظر رحمك إلى هذا المولود المبارك وما جرى من أحواله، وإلى تلك المرأة العفيفة وكيف ألصقت ذلك بزوجها وإلى العلة المذكورة وتلقي أسماعهم لها بالقبول في شأن هذا الرجل الذي صار إماماً في المذهب»([1]).
من المفارقات والغرائب عند الإمامية الإثني عشرية: رميهم الإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله بالتشيع أو الرفض!
ومن ذلك قول ابن النديم([2]) صاحب الفهرست: «كان الشافعي شديداً في التشيّع؛ وذكر له رجلٌ يوماً مسألة فأجاب فيها، فقال له: خالفتَ علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال له: ثبّت لي هذا عن علي بن أبي طالب حتى أضع خدّي على التراب وأقول: قد أخطأتُ، وأرجع عن قولي إلى قوله» ([3]).
وألحق بعضهم أبياتاً من عنده بأبياتٍ شعرية للإمام الشافعي، يقول فيها الإمام:
 يا راكباً قف بالمحصب من منى   

واهتف بساكن خيفها والناهض
سحراً إذا فاض الحجيج إلى منى

فيضاً كملتطم الفرات الفائض
إن كان رفضاً حب آل محمد

فليشهد الثقلان أني رافضي([4])
أما ما زادها الإثنا عشرية على هذه الأبيات فهي:
قف ثم ناد بأنني لمحمد

ووصيه وبنيه لست بباغض
أخبرهم أني من النفر الذي

لولاء أهل البيت لست بناقض
وقل ابن إدريس بتقديم الذي

قدمتموه على عليّ ما رضي([5])
ونسبوا إليه أيضاً أبياتاً أخرى زوراً وبهتاناً، منها:
شفيعي نبيي والبتول([6]) وحيدر([7])


وسبطاه والسجاد والباقر المجدي
وجعفر والثاوي([8]) ببغداد والرضا


وفذاته والعسكريان والمهدي([9])
أنا الشيعي في ديني وأهلي([10])


بمكة ثم داري عسقلية([11])
بأطيب مولد وأعز فخر


وأحسن مذهب يسمو البرية([12])
آل النبي ذريعتي


وهم إليك([13]) وسيلتي
أرجو بأن أعطى غداً


بيدي اليمين صفيحتي([14])
وتمسّك بعضهم بقصة محنة الإمام الشافعي مع الخليفة هارون الرشيد، حيثُ حُمل الشافعي ومعه مجموعة من العلويين إلى بغداد -مقر الخلافة- بتهمة الطعن في الخليفة ومنازعته أمر الخلافة.
فاحتجوا بالقصة على أنها دليل على تشيّع الإمام رحمه الله ([15]).
والجواب: أن رمي هذا الإمام الجليل بالرفض يتعارض مع ما عرف به وروي عنه بأسانيد صحيحة من أقواله المتواترة عنه رحمه الله.
كما أن هذا القول يتناقض ومواقف الشافعي من الرفض وأهله، فكيف يكون الشافعي رافضياً وهو القائل: (ما رأيت قوماً أشهد للزور من الرافضة)([16])؟!
ويقول يوسف البحراني كاشفاً عن حقده على الإمام العلم الشافعي راداً على ذلك:
«كذبت في دعواك يا شافعي

فلعنة الله على الكاذب
بل حب أشياخك في جانب

وبغض أهل البيت في جانب
عبدتم الجبت وطاغوته

دون الإله الواحد الواجب
فالشرع والتوحيد في معزل

عن معشر النصاب يا ناصبي
قدمتم العجل مع السامري

على الأمير ابن أبي طالب
محضتم بالود أعداءه

من جالب الحرب ومن غاصب
وتدعون الحب ما هكذا

فعل اللبيب الحازم الصايب
قد قرروا في الحب شرطاً له

أن تبغض المبغض للصاحب
وشاهدي القرآن في (لا تجد)

أكرم به من نير ثاقب
وكلمة التوحيد إن لم يكن

عن الطريق الحق بالناكب
وأنتم قررتم ضابطاً

لتدفعوا العيب من الغائب
بأننا نسكت عما جرى

من الخلاف السابق الذاهب
ونجعل الكل على محمل ال

خير لنحظى برضى الواهب
تباً لعقل عن طريق الهدى

أصبح في تيه الهوى عازب
والإشارة بقولنا: (( لا تَجِدُ)) [المجادلة:22]إلى قوله سبحانه: (( لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)) [المجادلة:22] فإنه غير مؤمن به، ودعواه الإيمان مع ذلك كذب بحت، فلذلك من ادعى في أحد حباً مع حبه لعدوه فهو كاذب»([17]).




([1]) كتاب (الكشكول) ليوسف البحراني، ط دار ومكتبة الهلال - بيروت - الطبعة الأولى (1986م) (3/46).

([2]) هو محمد بن إسحاق بن محمد بن إسحاق النديم الورّاق، صاحب كتاب فهرست العلماء، قال ابن حجر: (وهو غير موثوق به،

ومصنّفه المذكور ينادي على من صنّفه بالاعتزال والزيغ... ولما طالعتُ كتابه ظهر لي أنّه رافضي معتزلي ؛ فإنه يسمّي أهل السنّة 

الحشوية...). (ت:438) لسان الميزان (5/72)، معجم المؤلفين (9/41).

([3]) الفهرست لابن النديم(ص:295) طبعة عام (1398ه - 1978م).

([4]) ديوان الشافعي، للدكتور محمد زهدي يكن (ص:90-91)، وشعر الشافعي، للدكتور مجاهد مصطفى بهجت (ص:149).

([5]) انظر: التحفة الاثنا عشرية للدهلوي (ق61/ب) ومختصر التحفة للألوسي (ص:34-35).

([6]) انظر في تسميتهم فاطمة رضي الله عنها بالبتول: بحار الأنوار (43/110)، و(87/212).

([7]) يعني علياً رضي الله عنه، وقد ذكر في البيتين كل أئمتهم الاثني عشر.

([8]) ثوى المكان وثوى به وأثوى به، أي: أطال الإقامة به، القاموس (ص:1637).

([9]) انظر: التحفة الإثنا عشرية (ق61/ب)، ومختصر التحفة (ص:35)، وقد وقفت على بيتين آخرين شبيهين بهذين مبنى ومعنىً، 

وقد نسبا إلى شاعر رافضي كما في مناقب آل أبي طالب للمازندراني (1/326).

([10]) وفي شعر الشافعي للدكتور مجاهد مصطفى بهجت(ص:213): وأصلي.

([11]) لعل قائل هذا البيت يشير إلى ما ورد من أن الإمام الشافعي قد حمل إلى عسقلان بعد ولادته في غزة وقبل انتقاله إلى مكة 

المكرمة.

([12]) مناقب الشافعي للرازي (ص:140)، ونقل عنه د. مجاهد بهجت الأول فقط في شعر الشافعي (ص:213).

([13]) وفي ديوان الشافعي للدكتور محمد زهدي يكن (ص:54): (إليه).

([14]) مناقب الإمام الشافعي للرازي (ص:141)، وعنه د. محمد يكن في ديوان الشافعي (ص:54)، أما محمد بن شهر آشوب 

المازندراني (الرافضي) فقد نسب البيتين لمحمد بن السمرقندي. انظر: مناقب آل أبي طالب (2/152)، ووهم العلامة ابن حجر 

الهيتمي عفا الله عنا وعنه، إذ جزم بنسبة هذين البيتين إلى الإمام الشافعي في الصواعق (2/524).

([15]) انظر: مناقب الشافعي للرازي (ص:141)، وطبقات الشافعية لابن كثير (ق14) - نقلاً عن منهج الإمام الشافعي في إثبات 

العقيدة (2/492).

([16]) انظر: آداب الشافعي لابن أبي حاتم (ص: 189).

([17]) كتاب (الكشكول) ليوسف البحراني، ط دار ومكتبة الهلال - بيروت - الطبعة الأولى (1986م) (2/117).

0 commentaires:

إرسال تعليق