69- لاعب السلة الأمريكي محمود عبدالرؤوف



«لاعب كرة سلة أميركي مشهور يعلن إسلامه ويغير اسمه من كريس جاكسون إلى محمود عبد الرؤوف».

لجأ عشرات الآلاف من الاميركيين السود سواء كانوا من الشخصيات البارزة او من الشخصيات العادية خلال العقود الثلاثة الماضية الى الإسلام، باعتباره دين المساواة والعدل، وبحكم انه دين تسود فيه العدالة الاجتماعية، ويرفض الظلم والاضطهاد والتمييز بين بني البشر بحجة الجنس او اللون.


ولما كان هؤلاء الاميركيون السود في رحلتهم الايمانية التي افضت الى اعتناقهم الإسلام، لا يبحثون عن الخلاص الروحي فحسب بل كانوا يجاهدون في سبيل الايمان بدين يحفظ لهم كرامتهم الانسانية ولا يحط من قدرهم لونهم الاسود او استعباد البيض لاجدادهم، فلم يتحقق لهم ذلك سوى تحت مظلة الإسلام الوارفة بالعدل والمساواة.

وقد بث الإسلام فيهم الامل وجدد فيهم الحلم في المستقبل. ولما تتبعوا سيرته استوقفتهم معاني المساواة الانسانية التي جمعت بين بلال الحبشي وصهيب الرومي وسلمان الفارسي وغيرهم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبروزهم في الإسلام يأتي من سابقيتهم في الايمان بدين الله تعالى وتصديقهم برسالة محمد صلى الله عليه وسلم.

نتابع في حلقة اليوم من ملف "المسلمون الجدد" الرحلة الايمانية للاعب كرة السلة الاميركي الشهير كريس جاكسون التي قادته الى اعتناق الدين الإسلامي وتغيير اسمه الى محمود عبد الرؤوف الذي جاهد من اجل الالتزام بتعاليم دينه الجديد، وضرب بمغريات الحياة الدنيا عرض الحائط.

كان كريس جاكسون قبل اعتناقه الإسلام يشعر بأن الاميركيين السود مهما حصلوا على شهرة واعتراف من المجتمع الاميركي لبروزهم في المجالات الرياضية والفنية تنقصهم حركة منظمة تحقق مطالبهم من اجل العيش في كرامة وانسانية، وتحثهم على استشراف آفاق المستقبل بالجد والاجتهاد والتزام مكارم الاخلاق والبعد عن مواطن الجريمة والمخدرات. فهكذا بدأت الرحلة الايمانية بحثا عن دين يحقق له ولبني جلدته قدرا من الكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية.

وتداعى هؤلاء المسلمون الاميركيون السود الى العمل الدؤوب وفقا لتعاليم دينهم الجديد، مخلصين مجتهدين لتحقيق طموحاتهم في غد مشرق وآمالهم واحلامهم في مستقبل ينعمون هم وابناؤهم بالعيش في سلام وأمن ورفاهية.

تحسين الأوضاع وتفجير الطاقات:
وكان جاكسون يرى ضرورة تغيير الاميركيين السود ما بأنفسهم جاهدين للارتقاء بأنفسهم واسرهم، ومن ثم الارتقاء بمجتمعهم الى الاحسن. كما كان يرى ايضا ضرورة ان يتنادى قادتهم الى بث الامل فيهم وتحريضهم على العمل ودعوتهم الى الالتزام بمكارم الاخلاق والنأي بأنفسهم عن مواطن الشبهات، ليكون لهم دور فاعل في تحسين اوضاعهم الاجتماعية، ومن ثم أوضاع مجتمعاتهم في الولايات المتحدة الاميركية عن طريق التعليم والعمل. لذا رأى جاكسون انه من الضروري بالنسبة له ان يبحث عن دين يهديه الى الصراط المستقيم ويجيب عن اسئلته الحائرة حول المساواة والعدالة الاجتماعية، ومن ثم يشعره بانسانيته ويفجر الطاقات الكامنة فيه خيرا ونفعا ليحقق ما يصبو اليه في هذه الحياة.

الرحلة الإيمانية:
من هنا بدأت جولة جاكسون الايمانية في الاديان، فاستوقفته معاني الحرية والكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية في الدين الإسلامي. وشعر بأنه وجد فيه ضالته، فبدأ يدرسه دراسة عميقة، فامتلأ قلبه بالايمان وقذف الله في قلبه نور الهداية والحق. وتيقن جاكسون من ان الإسلام هو الدين الذي يبحث عنه، فأعلن اسلامه رسميا في عام 1991، وحرص على تغيير اسمه الى محمود عبد الرؤوف.

الوقوف للنشيد الوطني:
وكان لاعب كرة السلة الاميركي محمود عبد الرؤوف قد اثار جدلا في وسائل الاعلام الاميركية المختلفة في مارس (آذار) عام 1996 حينما تعرض لعقوبة الايقاف من اتحاد كرة السلة الوطني الاميركي بسبب رفضه الوقوف تحية للنشيد الوطني الاميركي والعلم الاميركي اثناء اداء احدى المباريات المهمة في كرة السلة. وان اصطدام عبد الرؤوف مع اتحاد كرة السلة الوطني اخذ منحى ابعد من كونه اصطداما او خلافا رياضيا. فقد برهن هذا الصدام على اتساع الهوة بين الإسلام والوطنية الاميركية، حسب اعتقاد اللاعب عبد الرؤوف، مما دعاه الى الاصرار على الرفض. وهكذا اصبح هذا الخلاف مادة مثيرة لوسائل الاعلام الاميركية المختلفة.

رمز الاضطهاد:
وكان محمود عبد الرؤوف يبرر رفضه للوقوف تحية للنشيد الوطني الاميركي والعلم الاميركي، بأن العلم الاميركي هو رمز للاضطهاد والطغيان، لذلك رفض ان يقف تحية واجلالا له قبل احدى المباريات التي نظمها اتحاد كرة السلة الوطني. فمنذ تلك الحادثة ظل عبد الرؤوف إما ينتظر في غرفة الملابس الى حين الانتهاء من رفع العلم الاميركي واداء النشيد الوطني او يجلس خارج الملعب بينما زملاؤه في الداخل، متظاهرا بانشغاله بربط حذائه استعدادا لدخول الملعب خلال عزف موسيقى النشيد الوطني الاميركي.
وقال عبد الرؤوف الذي يقدر دخله من كرة السلة حوالي 2.6 مليون دولار سنويا، ان ديني اهم من اي شيء آخر، ولذلك احرص على ان يكون ولائي لله تعالى قبل ان يكون لأي شيء آخر.

وكان عبد الرؤوف يخسر 31707 دولارا في كل مباراة اثناء فترة ايقافه بسبب تلك الحادثة.

وقال عبد الرؤوف ان واجبي تجاه خالقي اعظم وأجل من الفكر الوطني او الوطنية.

الإخلاص الديني:
ولقد انقسم زملاؤه لاعبو كرة السلة الاميركية بين مؤيد لقراره الرافض للوقوف تحية للعلم الاميركي والنشيد الوطني الاميركي قبل اداء المباريات المهمة وبين معارض لهذا الرفض بحجة انه لا يتعارض مع دينه والتزامه بتعاليم الإسلام. وقال شوكيل اونيل، اغلى لاعب كرة سلة في الولايات المتحدة الاميركية "ان للناس معتقداتهم المختلفة التي يجب ان تحترم". بينما ذكر لافونسو اليس زميل عبد الرؤوف في فريق نيجتس لكرة السلة الاميركي: "نحن الذين ندين بالمسيحية اتمنى لو نكون مخلصين لديننا مثل اخلاص عبد الرؤوف لدينه"

0 commentaires:

إرسال تعليق