س14: ما موقف شيوخ الإمامية الإثني عشرية المعاصرين من عقيدة مذهبهم بالقول بتحريف القرآن باختصار!


ج: لقد انقسم شيوخ الشيعة المعاصرون إلى أ ربعة أقسام:
القسم الأول: تظاهروا بإنكار وجود هذه العقيدة في كتبهم أصلاً.
ومنهم: عبد الحسين الأميني النجفي، حيث قال في ردّه على ما ذكره الإمام ابن حزم -رحمه الله- من أنّ شيوخ الشيعة يقولون بأنّ القرآن محرَّف: (ليتَ هذا المجترئ
أشار إلى مصدر فريته من كتاب للشيعة موثوق به.. بل نتنازل معه إلى قول جاهلٍ جُهَّالهم، أو قَرَوي من بسطائهم أو ثرثار.. وهذه فرق الشيعة في مقدمتهم الإمامية، مُجمعة على أنّ ما بين الدفتين هو ذلك الكتاب لا ريب فيه)([1]).
التعليق: لقد أنطق الله تعالى النجفي نفسه من حيث لا يشعر، فأورد آية مفتراة في نفس كتابه (1/214-216)، ونصها: قال الله: (اليوم أكملتُ لكم دينكم بإمامته فمن لم يأتمّ به، وممن كان من ولدي من صلبه إلى يوم القيامة فأولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون.. إنّ إبليس أخرج آدم عليه السلام من الجنة مع كونه صنوة الله بالحسد، فلا تحسدوا فتحبط أعمالكم وتزلَّ أقدامكم..).
وقال آيتهم النجفي: (بأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بأنها نزلت في علي عليه السلام) وانظر إليه أخزاه الله ينسب الأولاد إلى الله!؟ ويأتي بما لم يأت به اليهود والنصارى والذين أشركوا، فيقول مفترياً على الله تعالى أنه قال: (من ولدي من صلبه إلى يوم القيامة). فأئمتهم أولاد الله!؟ ومن صلب علي رضي الله عنه؟! نعوذ بالله من الشرك وأهله. قال الله تعالى: ((وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا)) [مريم:88-95].
القسم الثاني: اعترفوا بوجود التحريف في القرآن ولكن حاولوا تبريره؟
فصنف منهم قال: بأنّ روايات التحريف: (ضعيفة شاذة، وأخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً، فإما أن تُؤل بنحو من الاعتبار، أو يُضرب بها الجدار)([2]).
التعليق: ماذا يجيبون عمّا يردده كبارهم من القول: باستفاضة وتواتر أخبار وقوع التحريف والنقص والزيادة في القرآن، ومن روى روايات التحريف وأظهر إيمانه بها واعتقدها لا يجوز أنْ يوثق به.
وصنف ثان يقول: بأنّ الروايات ثابتة، ولكن (المراد في كثير من روايات التحريف من قولهم عليهم السلام: كذا نزل، هو التفسير بحسب التنْزيل في مقابل البطن والتأويل)([3]).
التعليق: قولهم هذا تأكيد لقولهم بالتحريف وليس دفاعاً، فكيف يكون تفسير الصحابة رضي الله عنهم تحريف في نظر هذه الفئة، وتحريف شيخهم القمي والكليني والمجلسي للقرآن هو التفسير!!؟
وصنف ثالث من شيوخ شيعتهم يقول: بأنّ المراد بذلك النسخ: (أو يكون([4]) ممّا نُسخ تلاوته)([5]).
الفاضحة: ولكن شيخ الشيعة اليوم، والذي يُلقّبونه بالإمام الأكبر، والآية العظمى، زعيم الحوزة العلمية، ومرجعها الأكبر، أبو القاسم الموسوي الخوئي يرى: أنّ القول بنسخ التلاوة هو قول بالتحريف([6]).
والفرق واضح بين النسخ والتحريف، فالتحريف من صنع البشر وقد ذمَّ الله فاعله، والنسخ من الله تعالى، قال الله تعالى: ((مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) [البقرة:106] وهو لا يستلزم مسّ كتاب الله بأي حال.
وصنفٌ رابعٌ يقول: بأنّ القرآن الموجود بين أيدينا ليس فيه تحريف، ولكنه ناقص قد سقط منه ما يختص بولاية أمير المؤمنين علي عليه السلام([7]).
التعليق: هذا القول كسابقه، فليس بدفاع، بل تأكيد على وقوع التحريف بالقول بنقصه.
وصنف خامس يقول: بأننا نؤمن بهذا القرآن الموجود، وليس فيه نقص ولا زيادة: (على أننا معاشر الشيعة الإثني عشرية نعترف بأنّ هناك قرآناً كتبه الإمام علي عليه السلام بيده الشريفة، بعد أن فرغ من كفن رسول الله وتنفيذ وصاياه.. ولم يزل كل إمام يحتفظ عليه كوديعة إلهية، إلى أن ظلّ محفوظاً عند الإمام المهدي القائم، عجَّلَ الله تعالى فرجنا بظهوره)([8]).
التعليق: هذا القول يعترف به قائلوه بأنّ هناك قرآن آخر، نعوذ بالله من الكفر والضلال.
القسم الثالث: المجاهرة بهذا الكفر والاستدلال به:
والذي تولّى كبر هذا الكفر من شيوخ الشيعة، هو: حسين النوري الطبرسي المتوفى (1320)، الذي ألف كتابه: فصل الخطاب، لإثبات إيمان شيوخ شيعته بهذا الكفر، فجمع في كتابه كل أقوال شيوخ شيعته، المتفرقة وأقوال شيوخه، والآيات المحرّفة في اعتقادهم، فجمعه وطبعه في كتاب واحد وطُبع هذا الكتاب في إيران سنة (1298هـ).
القسم الرابع: التظاهر بإنكار نقص القرآن وتحريفه مع محاولة إثبات النقص والتحريف بطرق ماكرة؟
ومن أخبث من سلك هذا الطريق شيخهم الخوئي، مرجع الشيعة سابقاً في العراق وبعض الأقطار الأخرى، وذلك في تفسير البيان، فهو يُقرّر: (أنّ المشهور بين شيوخ الشيعة ومحققيهم، بل المتسالمُ عليه بينهم هو القول بعدم التحريف)([9]).
التعليق: ولكنّ الخوئي نفسه يقطع بصحة جملة من روايات التحريف فيقول: (إنّ كثرة الروايات تُورثُ القطع بصدور بعضها عن المعصومين، ولا أقل من الاطمئنان بذلك، وفيها ما رُوي بطريق معتبر([10]).
والخوئي الذي ينفي عقيدة علماءه بنقص القرآن يُثبتُ عقيدته بوجود مصحف لفاطمة وعلي رضي الله عنهما مذكورة فيها أسماء الأئمة، وفيها زيادات ليست في كتاب الله تعالى، ويزعمُ بأنّ الأمة في وفي طليعتهم الصحابة حملوا آيات القرآن على غير معانيها الحقيقية، أما تحريفات الكليني والقمي والعياشي لآيات القرآن فهي التفسير الحقيقي عنده لكتاب الله([11]).
الفاضحة: فضحَ الخوئي نفسه وبيّن معتقده في التحريف فقال: (وإنّ الأمة بعد النبي ص غيرت بعض الكلمات وجعلت مكانها كلمات أخرى) إلى أن قال: (عن العياشي عن هشام بن سالم قال: سألتُ أبا عبد الله ع عن قوله تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ)) [آل عمران:33]. قال هو آل إبراهيم وآل محمد على العالمين فوضعوا اسماً مكان اسم)([12]).


([1]) الغدير (3/94-95)، ومن المضحك المبكي: أنّ هذا النجفي صدّر الجزء السابع من كتابه هذا بتقريظ النصراني (بولس سلامة) فكتب له النصراني بعد ذلك يقول: (وقد شرّفتموني بإدراج رسالتي في المقدّمة، وقد =اطلعت على هذا السفر النفيس، فحسبتُ أنّ لآلئ البحار قد اجتمعت في غديركم، وقد لفتَ نظري على الأخص ما ذكرتموه بشأن الخليفة الثاني، فلله درّكم، ما أقوى حجتكم) الغدير (ج7/ح). وقد ابتهجَ المغفْلُ بثناء هذا النصراني، فبادله الثناء، وقال عن رسالة النصراني تلك: (أتانا من بحاثة المسيحيين القاضي الحر، والشاعر النبي، الأستاذ/ بولس سلامة.. الخالد الذكر، فشكراً له ثم شكراً) الغدير (ج7/ح).
([2]) أصل الشيعة لمحمد آل كاشف الغطاء، (ص:63ـ64).
([3]) الميزان في تفسير القرآن لمحمد حسن الطبطبائي (12/108)، مؤسسة الأعلمي بببروت سنة (1391هـ).
([4]) أي: العدد الزائد عما في القرآن.
([5]) الكاشاني، الوافي المجلد الثاني (1/274).
([6]) البيان للخوئي، (ص:210).
([7]) انظر: أغابزرك الطهراني في الذريعة إلى تصانيف الشيعة (3/313-314).
([8]) الإسلام على ضوء التشيع لحسين الخراساني، (ص:204).
([9]) البيان، (ص:226).
([10]) المرجع السابق، (ص:222).
([11])المرجع السابق، (ص:229).
([12]) البيان، (ص:229). 

0 commentaires:

إرسال تعليق