س22: ما هي حقيقة (حكايات الرقاع) وما مكانتها في المذهب الشيعي؟


ج: لما توفي إمامهم الحسن العسكري ع لم يُر له خلفٌ، ولم يعرف له ولدٌ ظاهر، وقد تمّ استبراء زوجاته وإمائه للتأكّد من ذلك، حتى تبيّن لهم بطلان الحبل، فقُسِّم ميراثه بين أمه وأخيه جعفر، وأودعت أمه وصيته، وثبت ذلك عند القاضي والسلطان([1]).

فكانت هذه الواقعة قاصمة الظهر للتشيّع؟!.
فمنهم من قال: (انقطعت الإمامة)([2]).
ومنهم من قال: (إنّ الحسن بن علي ع، توفي ولا عقب له، والإمام بعده جعفر بن علي أخوه)([3]).
وفي خِضمِّ هذه الحيرة والاضطراب التي يعيشها شيوخ الشيعة، قام رجلّ يُدعى (عثمان بن سعيد العمري) وادّعى أن للحسن العسكري ولداً في الخامسة من عمره مختفياً عن الناس لا يظهر لأحد غيره، وهو الإمام بعد أبيه الحسن، وأنّ هذا الطفل الإمام قد اتخذه وكيلاً عنه في قبض الأموال، ونائباً يجيب عنه في المسائل الدينية([4]).
ولما مات عثمان بن سعيد سنة 280 ادّعى ابنه محمد بن عثمان نفس دعوى أبيه، ولما توفي محمد سنة 305 خلفه الحسين بن روح النوبختي في نفس الدعوى، ولما توفي سنة 326 خلفه أبو الحسن علي بن محمد السمري سنة 329، وهو آخر المدّعين للنيابة عند شيوخ الشيعة الإمامية، ولما كثر المدّعون للبابية من أجل الأرصدة الباهرة من الأموال. قال شيوخ الشيعة: بانقطاع البابية ووقوع الغيبة الكبرى بوفاة السمري.
وكان هؤلاء النواب عن الإمام يتلّقون أسئلة السفهاء كما يتلقّفون أموالهم!! ويأتون بأجوبتها وإيصالها من الإمام المنتظر ويُسمّونها توقيعات وهي خطوطه بزعمهم([5]).
وأمّا عن مكانة هذه الخرافة: فهي كقول الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم: حتى إن شيوخ الشيعة رجّحوا هذه التوقيعات على ما رُوي بإسناد صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في حال التعارض، قال الحر العاملي: (فإنّ خطّ المعصوم أقوى من النقل بوسائط)([6]).
واعتبر شيوخ الشيعة المعاصرون هذه الرقاع من (السنة التي لا يأتيها الباطل)([7]).


([1]) المقالات والفرق، (ص:102).
([2]) بحار الأنوار للمجلسي (51/212)، وكتاب الغيبة للحجة لأبي جعفر الطوسي، (ص:224).
([3]) المقالات والفرق لسعد القمي، (ص:108-110).
([4]) حصائل الفكر في أحوال الإمام المنتظر لمحمد البحراني، (ص:36-37).
([5]) انظر: بحار الأنوار للمجلسي (51/359-362).
([6]) من لا يحضره الفقيه لابن بابويه القمي (4/151)، ووسائل الشيعة (20/108)، ولقد اهتمّ شيوخ الشيعة هذه التوقيعات ودوّنوها؛ لأنها في اعتقادهم من الوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه. انظر مثلاً: أصول الكافي (1/517)، وإكمال الدين لابن بابويه، (ص:450)، والغيبة للطوسي، (ص:172)، والاحتجاج على أهل اللجاج (2/277)، لأبي منصور أحمد بن أبي طالب الطبرسي، ت (588هـ).
([7]) الدعوة الإسلامية للخنيزي (2/112). 

0 commentaires:

إرسال تعليق