26-أمين عام مجلس الكنائس العالمي لوسط وشرق إفريقيا سابقًا أشوك كولن يانج



الكاردينال السابق أشوك كولن يانج يكشف جوانب جديدة عن رحلته إلى الإسلام ..
أثارت المقابلة التي أجريت مع أمين عام مجلس الكنائس العالمي لوسط وشرق إفريقيا سابقًا أشوك كولن يانق ردود فعل واسعة النطاق وتناقلتها عشرات المواقع الإلكترونية ووسائل الإعلام.. وكان كولن يانج الذي اعتنق الإسلام عام 2002 المجتمع قد كشف
في حوار لمجلة المجتمع أبعاد المخطط الكنسي الرامي لتنصير المسلمين وضرب الحركة الإسلامية، عبر توظيف العلمانيين لمواجهة المد الإسلامي، وإنفاق أموال طائلة على بعض الأجهزة والأفراد ذوي الصلة.. وفي هذا العدد يكشف الكاردينال السابق جوانب جديدة من رحلته "من الظلمات إلى النور ومن الكفر إلى الإسلام، ومن حال أهل النار إلى حال أهل القبلة" على حد تعبيره، وفيما يلي التفاصيل:
تغيير الإنسان عقيدته ليس أمراً سهلاً، خاصة إذا كان هذا الإنسان يحتل قمة الهرم الذي يدعو إلى هذه العقيدة.. فما الذي قادك إلى التغيير، ومن ثم اعتناق الإسلام من واقع دراستك للأناجيل؟

-سؤال مهم.. الإنسان مهما علا شأنه إذا كان صادقاً وجاداً في البحث عن الحقيقة، فإنه حتماً سيصل إليها يوماً ما، وهذه الحقيقة التي سيصل إليها إما أنها تعزز ما يؤمن به، أو تهديه إلى سبيل آخر... هذا أولاً.
أما كيف غيرت عقيدتي فأجيب من خلال أقوال المسيح التي وردت في الأناجيل، فقد جاء في إنجيل يوحنا في الإصحاح الثامن فقرة 40 عندما همَّ اليهود بقتله: "ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله"، فالمسيح عليه السلام إنسان اختاره الله وحمّله رسالة وجعله نبياً، ولذلك يقول عليه السلام كما جاء في الإصحاح الثامن فقرة 42: "لو كان الله أباكم لكنتم تحبونني لأني خرجت من قبل الله وأتيت، لأني لم آت من نفسي بل ذلك أرسلني، لماذا لا تفهمون كلامي"؟، وقد صرحت بعض الأناجيل بنبوة عيسى عليه السلام كما جاء في لوقا الإصحاح السابع فقرة 16: "فأخذ الجميع خوف ومجدوا الله قائلين: قد قام فينا نبي عظيم"، وجاء في متى الإصحاح الحادي والعشرين فقرة (9، 10، 11): "ولما دخل أورشليم ارتجت المدينة كلها قائلة: من هذا؟ فقالت الجموع: هذا النبي الذي من ناصرة الجليل"، وهذه النصوص تتفق مع قوله تعالى في القرآن الكريم: مالمسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل(المائدة).

رسالة عيسى

إذاً أنت ترى أن هذه النصوص التي اقتبستها من الأناجيل كفيلة بتغيير العقيدة من النصرانية إلى الإسلام؟
-الإيمان برسالة سيدنا عيسى عليه السلام يكون بتصديقه فيما أخبر، فلا نرد خبره ولا نكذب قوله ولا نخالفه، فالمسيح عليه السلام جاءنا من الله لأمرين مهمين:
أولاً: لتعلم الأمة التي بعث إليها كيف تتقرب إلى الله وتعبده، أما معرفة الله فيقول المسيح عليه السلام: "إن الله واحد لا شريك له ولا نظير له ولا شبيه له"، فقد جاء في إنجيل مرقص في الإصحاح الثاني عشر فقرة 30 لما سأله الكتبة: أي وصية هي أول الكل؟ فأجابه يسوع: "إن أول كل الوصايا هي: اسمع يا "إسرائيل" الرب إلهنا رب واحد، وتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك، هذه هي الوصية الأولى، وثانية مثلها هي أن تحب قريبك كنفسك، ليس وصية أخرى أعظم من هاتين فقال له الكاتب: صحيح يا معلم حسب الحق تكلمت فإن الله واحد لا آخر سواه"، وتتأكد هذه الحقيقة عن ذات الله بما جاء في إنجيل متى الإصحاح 23 فقرة 8، يقول المسيح عليه السلام: "وأما أنتم فلا تدعوا لكم أباً على الأرض لأن أباكم واحد الذي في السماء"، وجاء في يوحنا في الإصحاح 20 فقرة 18 قال المسيح: "إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم" وكلمة الأب "أبي وأبيكم" تعني في لغة الإنجيل الرب أي ربي وربكم.
فإلى محبي المسيح أقول: ألم تتضمن وصايا المسيح عليه السلام تعريفاً واضحاً لذات الله العلي الكبير المتفرد، يقول الله تعالى في القرآن: }قل هو الله أحد (1) الله الصمد (2) لم يلد ولم يولد (3) ولم يكن له كفوا أحد(4) { ، كما جاء في القرآن الكريم أيضاً: }وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون {25 ( الأنبياء).

ثانياً: إن مهمة عيسى عليه السلام الثانية أن يهدي الأمة التي بعث إليها إلى عبادة الله، وهي أمة بني إسرائيل، أما غيرهم من الأمم فلا تعنيهم شريعة عيسى، وهذا ما تقرره الأناجيل المسيحية، فقد جاء في إنجيل متى الإصحاح 15 فقرة 5 قول يسوع: "لم أُرسل إلا لخراف بني إسرائيل الضالة"، وجاء في متى الإصحاح 10 فقرة 5: هؤلاء الاثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلاً: "إلى طرق أمم لا تمضوا، وإلى مدينة السامريين لا تدخلوا، بل اذهبوا بالحرى إلى خراف بنى إسرائيل الضالة" (أعمال الرسل 11 الفقرة الأولى).

وإلى محبي المسيح أقول: يا من تبحث عن الحق ويا من آمن بالله الواحد الأحد، إليك هدية من القلب: آمِن بالله إلهاً واحداً وبأن المسيح رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وبأن محمداً عبد الله ورسوله وخاتم النبيين والمرسلين، واتبعْه حق الاتباع، قل لا إله إلا الله يؤتك الله أجرك مرتين، قال تعالى في القرآن الكريم الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون 52 وإذا يتلى" عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين 53 أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون 54 ( القصص).

اللحظة الفاصلة

صف لنا اللحظة الفاصلة التي قررت فيها اعتناق الإسلام؟ وماذا ترتب على ذلك؟
-حينما قررت اعتناق الإسلام، ذهبت إلى الكنيسة وتقدمت بطلب إجازة لكي أقضيها مع أسرتي، فطلب مني أن أنتظر حتى تعتمد لي الكنيسة من 50 100 ألف دولار لكي أنفقها على أولادي، قلت لهم أنا لا أريد "قروشكم" وكانت عندي للكنيسة عمارتان و" قروش" تبلغ مليونين و400 ألف دولار أمريكي، و320 مليون جنيه سوداني، فقمت بتسليمها إلى راعي ميزانية التنصير، فكانت مفاجأة كبيرة للكنيسة.
وبعد ذلك قضيت يومين مع أسرتي نفكر في هذا الأمر ونناقشه، وقد كانت أسرتي المكونة من زوجتي وأربعة أبناء تدرك أنني أفكر في اعتناق الإسلام، وحينما أبلغتهم أن الوقت قد حان، كان ردهم أنت أعلم منا ونحن نثق بك وقرارك قرارنا، وبالفعل ذهبنا إلى أحد المساجد المجاورة "مسجد النور" وأشهرنا الإسلام، وصحيح أنني خسرت أموالاً كثيرة غير أنني كسبت الإيمان والراحة النفسية بعد 40 سنة قضيتها في الباطل، وعلى أثر ذلك اتهمتني الكنيسة بالجنون وأنني مريض نفسياً.

لست مجنوناً

قلت إن الكنيسة اتهمتك بالجنون... فهل أثبت لها أنك في كامل قواك العقلية وقد أسلمت بعد قانعة ودراسة أم ماذا حدث؟

- لقد شاء الله أن أدرس مقارنة الأديان وكان الهدف أن أتعرف على الأديان السماوية وغير السماوية من أجل ممارسة التنصير بعلم وخبرة ومنهجية، لكن الله أراد شيئاً آخر، فقد درست الأديان السماوية وهي معروفة، كما درست غير السماوية وهي البوذية والهندوسية وعبادة النار والشمس والشيطان والأصنام، وخلال مرحلة الدراسة كانت تتكشف أمامي الحقائق عن الإسلام أولا ًبأول، وبدأ تكويني الديني يتشكل وأفكاري تتغير وتتداخل، وفي إحدى مراحل الدراسة أيقنت أن الإسلام هو الدين الصحيح، فكنت حينما أسمع الأذان أتوقف عن إلقاء المحاضرة احتراماً للنداء الإلهي، وحينئذ أصبحت شخصاً بوجهين، وجه يرى أن الإسلام الدين الحق وأن الله واحد لا شريك له، ووجه يغالط نفسه ويواصل انخراطه في الأعمال الكنسية والتمتع بأموالها الطائلة.

ولما بدا تعاطفي مع الإسلام اجتمعت مجالس القساوسة والرهبان والكاردينالات، وكان رأيهم أنني أميل للإسلام، وهنا مارس مجلس الكنائس ضغوطاً كثيرة عليَّ، ولما فشل قرر إيقافي عن العمل بالكنيسة، وصدر قرار من الكنائس بأن الجنون قد أصابني، فقلت لهم إنني لست مجنوناً فأنا أخاف الله الواحد ربي وربكم ورب محمد وعيسى، إنني أخاف من عذاب الله، إنني أخاف من الله، وعلمت بعد ذلك أن تقرير الأطباء أثبت أنني لست مجنوناً، ولكنني أتطلع إلى اعتناق الإسلام.
السيد أشوك.. لماذا لم تغير اسمك إلى اسم مسلم كما جرت عادة كل من يعتنق الإسلام؟

- لم أغير اسمي لاعتبارين:

الأول: لأن الإسلام لا يرى في ذلك حرجاً، وهذا ما يهمني بالدرجة الأولى، فلا بأس أن يعتنق غير المسلم الإسلام ويبقى محافظاً على اسمه القديم، فالدين الإسلامي يركز على الإيمان.

الثاني: لقد أحببت الاحتفاظ باسمي لأهداف دعوية وهي أن أظل مقبولاً لدى غير المسلمين، ومن ثم أستطيع أن أبين لهم الحق، بعد أن شرح الله صدري بالإسلام وخرجت من الظلمات إلى النور، ومن الكفر إلى الإسلام، ومن حال أهل النار إلى حال أهل القبلة.

الكاردينالية

وصلت في الكنيسة إلى درجة كاردينال كما احتل والدكم هذا المنصب.. ماذا يعني منصب كاردينال؟ وما وظيفته في الكنيسة؟
- لقد تقلدت مناصب كبيرة في الكنيسة، ومن بين ذلك كنت كاردينالاً كما كان والدي كذلك، وهذا المنصب في الكنيسة الكاثوليكية يوازي وظيفة المفتي في الإسلام، ويجب أن يعرف القس أنه ليس إلهاً لكي يغفر للناس ذنوبهم وآثامهم، فالعجيب أنه إذا أخطأ عبد ذهب إلى القس يوم الأحد قبل الصلاة، ويقول له لقد أخطأت في كذا وكذا، فيقول القس: اذهب قد غُفر لك، كيف يتجرأ هذا القس على حمل سلطة الله؟!، ومن الذي أعطاه هذه الصلاحية وهو بشر!
وأنا أتحدى أياً من كبار القساوسة الشرقيين أو الغربيين أن يحاججني، بل أنا على استعداد لمناظرة أي درجة عالية في الكنيسة لإثبات صحة الإسلام وأحقيته بالاتباع، فأنا لم أسلم عاطفياً أو عبثاً، وإنما أسلمت بعد دراسة معمقة للأديان، وصلت في نهاية الدراسة إلى أن الإسلام هو الدين السماوي الذي ختم الله به الرسالات السماوية، وأن النبي {صلي الله عليه وسلم{  خاتم الأنبياء والمرسلين، وأن عيسى عليه السلام إنسان من البشر وهو نبي ورسول وليس أكثر من ذلك، قال تعالى في القرآن الكريم:}ماالمسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل{المائدة:75)، وأنا لست أول من يسلم من القساوسة، فقد سبقني إلى الإسلام عدد كبير من القساوسة والمبشرين، وعلى رأسهم الأمين العام لمجلس مؤتمر المطارنة في الكنيسة الكاثوليكية، ورئيس القساوسة في الولاية الشرقية.
أنت الآن داعية إسلامي ومن قبل كنت داعية نصرانياً... ما الفرق؟
- في السابق كان كل همي، تنصير المسلمين أو إبعادهم عن دينهم حتى لو فسدوا وارتكبوا كل الموبقات، فلم يكن مهماً أن يكون المسلم إنساناً صالحاً أو سوياً في المجتمع حتى بعد تحوله عن الإسلام، والكنيسة لا تهتم بدعوة النصارى إلى الالتزام، فجل اهتمامها أن يحمل الإنسان كلمة مسيحي، وليس شرطاً أن يكون متديناً أو ملتزماً، أما الآن فالمرء في الإسلام محاسب على كل صغيرة وكبيرة، وكل من يعتنق الإسلام عليه أن يكون صاحب عقيدة سليمة وعبادة صحيحة.

المسلمون ينتقدون أعمال التنصير فيما يمارسون الدعوة الإسلامية بين غير المسلمين... لماذا الازدواجية؟
-هناك فرق كبير بين الدعوة للإسلام والدعوة للنصرانية، فدعاة الإسلام يوضحون مبادئه وتعاليمه ويعكسون الصورة الصحيحة للإسلام، ولا يجبرون أحداً على الدخول فيه، لأن الإنسان إذا لم يعبد الله عن قناعة واعتقاد لا ريب فيهما فلا قيمة لإسلامه، أما دعاة التنصير فهم للأسف ينتهزون حاجة الفقراء والمعوزين ويقدمون لهم الغذاء والدواء أو فرص التعليم مقابل اعتناق النصرانية، فهؤلاء المنصرون لا يقنعون أحداً بعقيدة لأنه لا توجد تعاليم نصرانية مقنعة، وكل ما هنالك أن هؤلاء لديهم ميزانيات كبيرة، ومن الإنصاف أن نقول بأن المنظمات الإسلامية العاملة في الحقل الإنساني تقيم الكثير من المشاريع التي يستفيد منها المسلم وغير المسلم، ولا تتوقف عند ديانة المستفيد، ولا تبتزه أو تساومه على أساس الغذاء مقابل اعتناق الإسلام.

المسلمون الجدد

ما دوركم الآن في مجال الدعوة الإسلامية؟
-نحن نرعى عشرات الآلاف من الذين اعتنقوا الإسلام من خلال نشاطاتنا في "منظمة التضامن الإسلامي للتنمية والإعمار" ومن بينهم مثقفون وضباط ومسؤولون في قطاعات مختلفة حيث نقيم لهم المدارس والخلاوي القرآنية، فهناك أكثر من 12 ألفاً من المسلمين الجدد من النساء والرجال ينتظمون في خلاوي تحفيظ القرآن الكريم، وتضم كل واحدة منها من 300 400 رجل وامرأة يحفظون القرآن ويدرسون السيرة والحديث الشريف والفقه الإسلامي.
ونهتم بقيادات القبائل والسلاطين فهؤلاء يتمتعون باحترام أتباعهم وأنصارهم فإذا أسلموا، أسلم من خلفهم، وقد لاحظنا أن الكثير من النصارى في الجنوب ينحدرون من أسر مسلمة، وكان الإنجليز أثناء احتلالهم للسودان قد نصروهم، ومن ثم فنحن نعمل على إعادتهم إلى أصولهم الإسلامية.

المصدر مجلة المجتمع العدد 1644

0 commentaires:

إرسال تعليق