- 34 - النبي المنتظر


النبي المنتظر


- اتفق مؤرخو العرب وأصحاب السير أن أهل الكتاب كانوا ينتظرون ظهور نبي في ذلك الزمان وكانوا يعلمون أوصافه وأحواله . من ذلك أنهم كانوا :

1 - قصة حليمة السعدية وأنها كانت تعرض رسول الله على اليهود كلما مر بها جماعة منهم وتحدثهم بشانه فكانوا يحضون على قتله فتهرب منهم


2 - أنهم اتفقوا على أن بحيرا الراهب عرف الرسول بعلامات فيه وقال لأبي طالب " ارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه اليهود فو الله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغيه شرا فإنه كائن له شأن عظيم فأسرع به إلى بلده "
  
3 - في سيرة ابن هشام فصل عن انذار يهود برسول الله نقلا عن رواية ابن اسحاق فليرجع في موضعه وقد أوردته في هذا الكتاب

4 - قصة سلمان الفارسي الذي أسلم بعد أن استدل على رسول الله بعلامات كان يعرفها من الراهب الذي صحبح أخيرا . وقصة اسلام سلمان مشهورة ومذكورة في المصادر المعتبرة التي يعول عليها المؤرخون ولا يمكن أن تكون مختلفة فقد رواها ابن عباس عن لسان سلمان الفارسي نفسه . والقصة مذكورة في هذا الكتاب أيضا لأهميتها

5 - اسلام عبد الله بن سلام بن الحارث فإنه كان حبرا عالما . قال سمعت برسول الله صلى الله عليه وسلم . عرفت صفته واسمه وزمانه الذي كنا نتوكف له فكنت مسرا لذلك صامتا عليه حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة إلى آخر ما قال مما هو مذكور في هذا الكتاب نقلا عن سيرة ابن هشام

6 - كانت العرب تسمع من أهل الكتاب ومن الكهان أن نبيا يبعث في العرب اسمه محمد فسمى من بلغه ذلك من العرب ولده محمدا طمعا في النبوة . وقد ذكرت في كتابي هذا أسماء بعضهم نقلا عن طبقات ابن سعد كاتب الواقدي

7 - ما جاء في صحيح البخاري في باب بدء الوحي من أن ورقة بن نوفل ( ذلك الشيخ العالم بالنصرانية والذي كان يكتب الأنجيل بالعبرانية ) قال لرسول الله حين عرضته عليه خديجة : " هذا الناموس الذي نزل على موسى " الخ

8 - أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جمع بني قينقاع - وهم طائفة من اليهود - قال لهم : " يا معشر اليهود احذروا من الله عز وجل مثل ما نزل بقريش من النقمة وأسلموا فإنكم قد عرفتم أني نبي مرسل تجدون ذلك في كتابكم وفي عهد الله إليكم "
كل هذا وغيره يؤيد أنهم كانوا ينتظرون نبيا يظهر في ذلك الزمان . وليس ذلك بمستغرب فإن البشارة به صلى الله عليه وسلم قد وردت في التوراة والإنجيل وقد اثبتنا ذلك في فصل سابق من هذا الكتاب مستشهدين بآيات من الكتاب المقدس المطبوع باللغة العربية . فلا بد أن أهل الكتاب في ذلك الزمان كانت لديهم كتب أخرى ألفها علماؤهم شرحا للكتاب المقدس فاستقوا منها تلك المعلومات والعلامات التي عرفوا بها صفة رسول الله وموطنه وزمنه واضطهاد قومه له وهجرته . إننا نرجح ذلك بل نؤكده لأننا إذا كنا قد استخرجنا من الكتاب المقدس المطبوع في أيامنا آيات تبشر برسالته صلى الله عليه وسلم وتصفه وتصف شريعته وموطنه وأصحابه فلا بد أن يكون أهل الكتاب قديما - ولا سيما العلماء منهم - قد اطلعوا في النسخ العبرية القديمة التي كانت لديهم ولم نتوصل إليها على معلومات أو في خاصة بالرسول تعد غريبة بالنسبة لنا
هذا ما يستنتجه المؤرخ المنصف بل هذا ما يتبادر إلى ذهن من تتبع سيرة الرسول أما مستر موير فإنه انبرى في الجزئ الثاني من كتابه يكذب جميع المصادر التاريخية ويرفض ما جاء فيها من أن أهل الكتاب كانوا ينتظرون نبيا يبعث زاعما أن هذه الروايات لا اساس لها من الصحة وأنها من مخترعات المؤرخين لأنه لو اعترف بصحتها أو بصحة بعضها لوجب عليه أن يعترف برسالة النبي صلى الله عليه وسلم في حين أنه حاول في جميع ما كتبه واستنبطه اثبات أنه لم يكن نبيا بل كان رجلا يدعي النبوة لبسط نفوذه

0 commentaires:

إرسال تعليق