س5: هل قال أحدٌ من شيوخ الشيعة بأنّ قول أحد أئمتهم ينسخ القرآن أو يُقيد مطلقه، أو يُخصّص عامّة؟


ج: نعم، وهم كثير!! ولذلك يقول شيخهم محمد آل كاشف الغطاء: (إن حكمة التدريج اقتضت بيان جملة من الأحكام وكتمان جملة، ولكنه رضي الله عنه أودعها عند أوصيائه رضي الله عنه كل وصي بعهد بها إلى الآخر، لينشرها في الوقت
المناسب لها حسب الحكمة من عام مخصص، أو مطلق أو مقيد.. فقد يذكر النبي صلى الله عليه وسلم عاماً ويذكر مُخصّصه بعد برهة من حياته، وقد لا يذكره أصلاً، بل يُودعه عند وصيِّه إلى وقته)([1]).
وهذه المقالة مبنية على اعتقادهم بأنّ الإمام هو قيِّم القرآن، وهو القرآن الناطق.
رووا: أنّ علياً رضي الله عنه قال -وحاشاه-: (وهذا كتابُ الله الصامت، وأنا كتاب الله الناطق)([2]).
وأنّ أئمتهم (خَزَنةُ علم الله، وغَيْبةُ وحيِّ الله)([3]).
وفي رواية: (وحفظةُ سرِّ الله)([4]).
وفي رواية: (ولا يُدْركُ ما عند الله إلاّ بهم)([5]).
فبناءً على ذلك: فإنّ مسألة تخصيص عام القرآن، أو تقييد مطلقة أو نسخة عند شيوخ الشيعة، هي مسألة لم تنته بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن النص النبوي، والتشريع الإلهي استمرَّ.. الخ.
فعلماء الشيعة يعتقدون كما قال شيخهم المازندراني: (أنّ حديث كل واحد من الأئمة الطاهرين قول الله عز وجل، ولا اختلاف في أقوالهم كما لا اختلاف في قوله تعالى)([6]).
ويعتقدون أيضاً بأنه (يجوزُ لمن سمعَ حديثاً عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق أن يرويه عن أبيه أو جدّه أو أحد أجداده عليهم السلام، بل يجوز أن يقول: قال الله تعالى)([7]).
وقد بوَّب شيخهم الكليني: (بابُ: التفويض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وإلى الأئمة عليهم السلام في أمر الدين)([8]).
التعليق: المتأمل لهذه المقالة، والمحلّل لأبعادها، يُدرك أن الهدف منها هو تبديل دين الإسلام، وتغيير شريعة سيد الأنام صلى الله عليه وسلم، من قبل شيوخ الشيعة أو من بعضهم، أو من جهلتهم أو.. أو..؟
ولماذا لا يأخذون بما رووه عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الأئمة أنهم قالوا: (إذا جاءكم منا حديث فاعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالفه فاطرحوه أو ردّوه علينا)([9]).
وليتذكروا قول الله تبارك وتعالى: ((يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا * رَبَّنَا آَتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا)) [الأحزاب:66-68].



([1]) أصل الشيعة، (ص:77)، لمحمد حسين آل كاشف الغطاء، (ت:1376هـ).
([2]) الفصول المهمة في أصول الأئمة، (ص:235)، ووسائل الشيعة (27/34).
([3]) الكافي (1/192)، وبصائر الدرجات الكبرى، (ص:61)، لأبي جعفر محمد بن فروخ الصفار، ت (290هـ).
([4]) مستدرك الوسائل للنوري (10/416)، والبلد الأمين والدرع الحصين، (ص:297)، لإبراهيم بن علي العاملي الكفعمي، المتوفى سنة (1905هـ).
([5]) إعلام الورى بأعلام الهدى، (ص:270)، للفصل بن الحسن الطبرسي، المتوفى سنة (548هـ).
([6]) شرح جامع على الكافي (2/272)، لمحمد صالح بن أحمد المازندراني، المتوفى سنة (1081هـ).
([7]) المصدر السابق.
([8]) أصول الكافي (1/265).
([9]) تهذيب الأحكام (7/275)، والاستبصار فيما اختلف فيه من الأخبار (1/190)، (3/158)، كلاهما لأبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي المتوفى سنة (460هـ والملقب عندهم بشيخ الطائفة، ووسائل الشيعة (20/463). 

0 commentaires:

إرسال تعليق