- 90 - رسل ورسائل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والأمراء ونتائجها وما تخللها من أحداث


رسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والأمراء

- قبل أن نذكر كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والأمراء يجدر بنا أن نلقي نظرة على حالة الأمبراطورية الرومانية ودولة الفرس
كانت الحروب بين الأمبراطورية الرومانية ففي سنة 621 م انتصرت جيوش الفر س واستولت على الشام ومصر وآسيا الصغرى وذلك قبل الهجرة بسنة . وكان الفرس
وقتئذ يهددون القسطنطينية وأخيرا ظهر هرقل وتحول على اعادة مجد دولته وفي زمن الهجرة ( سنة 622 م ) كان الأمبراطور الروماني يطارد المغيرين من آسيا الصغرى وفي الموقعة الثانية من مواقعه جيوشه إلى قبل البلاد الفرس نفسها . وفي أثناء السنوات الثلاث التي كان فيها يسترد هرقل مجد الأمبراطورية كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في نزاع مع قريش وأعقب ذلك حصار الفرس للقسطنطينية الذي كان قبل حصار المدينة في غزوة الأحزاب بنصف سنة ( يوليه سنة 626 م ) وفي الموقعة الثالثة وإلى هرقل انتصاره السابق فانتصر انتصارا تاما في أول ديسمبر سنة 626 م في موقعه نينوى وبذلك انكسرت جيوش الفرس وتشتت شملهم وفي التاسع والعشرين من هذا الشهر فر كسرى إلى عاصمة ملكه . وفي فبراير سنة 628 م قتله ابنه ( شيرويه ) واستولى على العرش وعقد معاهدة صلح مع الأمبراطور الروماني على أن تبقى حدود الدولتين على ماكانت عليه من قبل وفي حوالي هذا الوقت كان النبي صلى الله عليه وسلم يعقد صلح الحديبية مع رؤساء قريش وفي ربيع هذه السنة خرج هرقل لزيارة القدس


خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم


- قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أراد ارسال كتبه إلى الملوك يدعوهم فيها إلى الإسلام أنهم لا يقرءون الكتاب إلا إذا كان مختوما فاتخذ صلى الله عليه وسلم خاتما من فضة وكان ينقشه ثلاثة أسطر ( محمد ) سطر ( رسول ) سطر ( الله ) سطر . والأسطر الثلاثة تقرأ من أسفل إلى فوق فمحمد آخر الأسطر . ورسول في الوسط . والله فوق . وكانت الكتابة مقلوبة لتكون على الأستواء إذا ختم به فكان ذلك الخاتم في يده صلى الله عليه وسلم ثم في يد أبي بكر ثم في يد عمر ثم في يد عثمان بن عفان رضي الله عنهم حتى وقع في بئر أريس في السنة التي قتل فيها عثمان بن عفان رضي الله عنه فالتمسوه ثلاثة أيام فلم يجدوه
- 1 - كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل ( Heraclius )


- كان ارسال الكتاب إلى هرقل سنة ست من الهجرة بعد رجوعه صلى الله عليه وسلم من الحديبية وكان وصوله إليه في المحرم سنة سبع وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم دحية بن خليفة الكلبي أن يدفعه إلى عظيم بصري وهو الحارث ملك غسان ليدفعه إلى هرقل وكان هرقل قد نذر أنه إذا ظهر على الفرس وأخرجهم من بلادهم زار القدس حاجا ماشيا على قدميه . فخرج في خريف 628 م ( السنة الرابعة من الهجرة ) وفاء بنذره . وفي أثناء سفره سلم إليه حاكم بصرى كتاب النبي صلى الله عليه وسلم وكان دحية لما انتهى إلى الحارث أرسل معه عدي بن حاتم ليوصله إلى هرقل
وهذا نص الكتاب
( بسم الله الرحمن الرحيم . من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم . السلام على من اتبع الهدى أما بعد . أسلم تسلم . وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين وأن تتول فإن إثم الاكارين عليك ( 1 ) ) عن عبد الله بن عباس قال : ( 2 ) " حدثني أبو سفيان بن حرب قال : كنا قوما تجارا وكانت الحرب بيننا وبين رسول الله قد حصرتنا حتى نهكت أموالنا فلما كانت الهدنة بيننا وبين رسول الله لم نأمن أن لا نجد أمنا فخرجت في نفر من قريش تجار إلى الشام وكان وجه متجرنا منها غزة فقدمناها حين ظهر هرقل على من كان بأرضه من فارس وأخرجهم منها وانتزع له منهم صليبه الأعظم وكانوا قد استلبوه اياه فلما بلغ ذلك منهم وبلغه أن صليبه قد استنقذ له وكانت حمص منزله خرج منها يمشي على قدميه متشكرا لله حين رد عليه ما رد ليصلي في بيت المقدس تبسط له البسط وتلقى عليها الرياحين . فلما انتهى إلى ايلياء وقضى فيها صلاته ومعه بطارقته وأشراف الروم . أصبح ذات غداة مهموما يقلب طرفه إلى السماء فقال له بطارقته والله لقد أصبحت أيها الملك الغداة مهموما . قال أجل . أريت في هذه الليلة إن ملك الختان ظاهر . قالوا أيها الملك ما نعلم أمة تختتن إلا اليهود وهم في سلطانك وتحت يدك فابعث إلى كل من لك عليه سلطان في بلادك فمره فليضرب أعناق كل من تحت يده من يهود واسترح من هذا الهم . فوالله إنهم لفي ذلك من رأيهم يديرونه إذ أتاه رسول صاحب بصرى برجل من العرب يقوده وكانت الملوك تهادي الأخبار بينها . فقال أيها الملك إن هذا الرجل من العرب من أهل الشاء والإبل يحدث عن أمر عجب حدث ببلادهم فسله عنه . فلما انتهى به رسول صاحب بصرى إلى هرقل قال هرقل لترجمانه : سله ما كان هذا الحدث الذي كان ببلاده ؟ فسأله : فقال خرج بين أظهرنا رجل يزعم أنه نبي قد اتبعه ناس وصدقوه وخالفه ناس . وقد كانت بينهم ملاحم في مواطن كثيرة فتركتهم على ذلك . قال فلما أخبره الخبر قال جردوه فجردوه فإذا هو مختون . فقال هرقل هذا والله الذي أريت لا ما تقولون . أعطوه ثوبه . ثم دعا صاحب شرطته فقال له قلب لي الشام ظهرا وبطنا حتى تأتيني برجل من قوم هذا الرجل يعني النبي صلى الله عليه وسلم
قال أبو سفيان : فوالله إنا لبغزة إذ هجم علينا صاحب شرطته فقال أنتم من قوم هذا الرجل الذي بالحجاز ؟ قلنا نعم . قال انطلقوا بنا إلى الملك . فانطلقنا معه فلما انتهينا إليه قال أنتم من رهط هذا الرجل ؟ قلنا نعم . قال فأيكم أمس به رحما ؟ قلت أنا . قال أبو سفيان : وايم الله ما رأيت من رجل أرى أنه كان أنكر من ذلك الاغلف يعني هرقل . فقال : ادنه فاقعدني بين يديه وأقعد أصحابي خلفي . ثم قال : اني سأسأله فإن كذب فردوا عليه فوالله لو كذبت ماردوا على ولكني كنت أمرأ سيدا أتكرم عن الكذب وعرفت أن أيسر ما في ذلك إن أنا كذبته أن يحفظوا ذلك علي ثم يحدثوه به عني فلم أكذبه . فقال أخبرني عن هذا الرجل الذي خرج بين أظهركم يدعى ما يدعى . قال فجعلت أزهد له شأنه وأصغر له أمره . وأقول له أيها الملك ما يهمك من أمره ؟ إن شأنه دون ما يبلغك فجعل لا يلتفت إلى ذلك . ثم قال : انبئني عما أسألك عنه من شأنه . قلت سل عما بدالك . قال كيف نسبه فيكم ؟ قلت محض أوسطنا نسبا . قال فأخبرني هل كان من أهل بيته يقول مثل ما قال فهو يبشبه به ؟ قلت لا . قال : فهل كان له فيكم ملك فاستلبتوه اياه فجاء بهذا الحديث لتردوا عليه ملكه ؟ قلت لا . قال . قال فأخرني عن أتباعه منكم من هم ؟ قال قلت الضعفاء والمساكين والأحداث والغلمان والنساء . وأما ذوو الأسنان والشرف من قومه فلم يتبعه منهم أحد . قال : أخبرني عن من تبعه أيحبه ويلزمه أم يقليه ويفارقه ؟ قال قلت ماتبعه رجل ففارقه . قال : أخبرني كيف الحرب بينكم وبينه ؟ قال قلت سجال يدال علينا وندال عليه . قال فأخبرني هل يغدر ؟ فلم أجد شيئا مما سألني عنه أغمزه فيه غيرها . قلت لا ونحن منه في هدنة ولا نأمن غدره . قال فوالله ما التفت إليها منى ثم كر علي الحديث
قال سألتك كيف نسبه فيكم فزعمت أنه محض من أوسطكم نسبا وكذلك يأخذ الله النبي إذا أخذه لا يأخذه الا من أوسط قومه نسبا . وسألتك هل كان أحد من أهل بيته يقول بقوله فهو يتشبه به فزعمت أن لا . وسألتك هل كان له فيكم ملك فاستلبتموه اياه فجاء بهذا الحديث يطلب به ملكه فزعمت أن لا . وسألتك عن اتباعه فزعمت أنهم الضعفاء والمساكين والأحداث والنساء وكذلك أتباع الأنبياء في كل زمان . وسألتك عمن يتبعه أيحبه ويلزمه أن يقليه ويفارقه . فزعمت أن لا يتبعه أحد فيفارقه وكذلك حلاوة الإيمان لا تدخل قلبا فتخرج منه . وسألتك هل يغدر فزعمت أن لا . فلئن كنت صدقتني عنه ليغلبني على ما تحت قدمي هاتين ولوددت أني عنده فأغسل قدميهز انطلق لشأنك . قال فقمت من عنده وأنا أضرب إحدى يدي بالأخرى وأقول أي عباد الله لقد أمر أمر ابن أبي كبشة ( 3 ) أصبح ملوك بني الأصغر يهابونه في سلطانهم بالشام . قال وقدم عليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأخذ الكتاب فجعله بين فخذيه وخاصرته
وفي البخاري أن قيصر لما صار إلى حمص أذن لعظماء الروم في دسكرة له ثم أمر بأبوابها فغلقت ثم اطلع فقال : يا معشر الروم له لكم في الفلاح والرشد وأن يثبت ملككم فتتابعوا هذا النبي فحاصوا حيصة حمر الوحض إلى الأبواب فوجدوها قد أغلقت وقالوا له أتدعونا أن نترك النصرانية ونصير عبيد الأعرابي . فلما رأى نفرتهم وأيس من إيمانهم قال ردوهم علي وقال أني قلت مقالتي أختبر بها شدتكم على دينكم فقد رأيت . فسجدوا له ورضوا عنه . اه فلم يسلم هرقل
_________
( 1 ) الاكار هو الفلاح والمراد أثم رعاياك يتبعونك وينقادون لامرك عليك
( 2 ) راجع الطبري الجزء الثالث
( 3 ) أمر أمرا بن أبي كبشة أي عظم أمره هذا . وفي رواية مازلت مرعوبا من محمد حتى أسلمت وقوله ابن أبي كبشة قيل أنه جد لآمنة بنت وهب أم النبي صلى الله عليه وسلم كان يكنى أبا كبشة
_________
- 2 - كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحارث بن أبي شمر الغساني


- بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم شجاع بن وهب الأسدي إلى الحارث بن أبي شمر الغساني وكان أميرا بدمشق من جهة قيصر ومعه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا نصه :
( بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى الحارث بن أبي شمر . سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله فأني أدعوك إلى أن تؤمن بالله وحده لا شريك له يبقى ملكك ) وختم الكتاب
قال شجاع فانتهيت فوجدته مشغولا بتهيئة الضيافة لقيصر وقد جاء من حمص إلى ايليا حيث كشف الله عنه جنود فارس شكرا لله تعالى
قال شجاع فأقمت على بابه يومين أو ثلاثة فقلت لحاجبه أني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال حاجبه لا تصل إليه حتى يخرج يوم كذا وكذا وجعل حاجبه يسألني عنه صلى الله عليه وسلم وما يدع إليه فكنت أحدثه فيرق حتى يغلبه البكاء ويقول أني قرأت في الأنجيل وأني أجد صفة هذا النبي بعينه وكنت أظنه يخرج بالشام فأراه خرج بأرض القرظ فأنا أومن به وأصدقه وأنا أخاف من الحارث بن أبي شمر أن يقتلني . وكان هذا الحاجب روميا اسمه مرى
قال شجاع وكان يكرمني ويحسن ضيافتي ويخبرني باليأس من الحارث ويقول وهو يخاف قيصر . قال فخرج الحارث يوما فوضع التاج على رأسه فأذن لي عليه فدفعت إليه الكتاب فقرأه ثم رمى به وقال من ينتزع مني ملكي أنا سائر إليه ولو كان باليمن جئته علي بالناس . فلم يزل جالسا حتى الليل وأمر الخيل أن تنعل ثم قال أخبر صاحبك بما ترى . وكتب إلى قيصر يخبره بخبري فصادف قيص بايليا وعنده دحية رضي الله عنه وقد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما قرأ قيصر كتاب الحارث كتب إليه أن لاتسر إليه واله عنه ووافني بايليا
ولما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم خبره قال " باد ملكه " ويفهم من هذا أنه لم يسلم
- 3 - كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى عظيم الفرس
( رحمه اللهhosroses عليه الصلاة والسلامparwiz )


- كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى بن هرمز وبعث بالكتاب مع عبد الله بن حذافة السهمي لأنه كان يتردد على كسرى كثيرا وهذا نص الكتاب :
( بسم الله الرحمن الرحيم . من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس . سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلى الناس كافة لينذر من كان حيا . أسلم تسلم فإن أبيت فعليك اثم المجوس )
فمزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله " مزق ملكه "
ثم كتب كسرى إلى أمير له باليمن يقال له " باذان " أن أبعث إلى هذا الرجل الذي بالحجاز رجلين من عندك جلدين فليأتياني به فبعث " باذان " قهرمانه وهو " بابويه " . وكان كاتبا حاسبا بكتاب فارس وبعث معه رجلا من الفرس يقال له " خرخسر " وكتب معهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره أن ينصرف معهما إلى كسرى وقال لبابويه أئت بدل هذا الرجل وكلمه وأتني بخبره فخرجا حتى قدما الطائف فوجدا رجالا من قريش بنخب من أرض الطائف فسألاهم عنه فقالوا هو بالمدينة . واستبشروا بهما وفرحوا وقال بعضهم لبعض أبشروا فقد نصب له كسرى ملك الملوك . كفيتم الرجل فخرجا حتى قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه بابويه . فقال إن شاهنشاه ملك الملوك كسرى قد كتب إلى الملك باذان يأمره أن يبعث اليك من يأتيه بك وقد بعثني إليك لتنطلق معي فإن فعلت كتب فيك إلى ملك الملوك ينفعك ويكفه عنك وأن أبيت فهو من قد علمت فهو مهلكك ومهلك قومك ومخرب بلادك . ودخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حلقا لحاهما وأعفيا شواربهما فكره النظر إليهما . ثم أقبل عليهما فقال : ويلكما من أمركما بهذا ؟ قال ربنا . يعنيان كسرى فقال رسول الله : لكن ربي أمرني باعفاء لحيتي وقص شاربي . ثم قال لها ارجعا حتى تأتياني غدا وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء أن الله قد سلط على كسرى ابنه ( شيرويه ) فقتله في شهر كذا وكذا ليلة كذا وكذا من الليل بعدما مضى من الليل سلط عليه ابنه شيرويه فقتله
قال الواقدي : " قتل شيرويه أباه كسرى ليلة الثلاثاء لعشر ليال مضين من جمادى الأولى من سنة سبع ساعات مضت منها "
فدعاهما فأخبرهما فقالا هل تدري ما تقول أنا قد نقمنا عليك ما هو أيسر من هذا أفنكنب هذا عنك ونخبره الملك ؟ قال نعم أخبراه ذلك عني وقولا له إن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ ملك كسرى وينتهي إلى منتهى الخف والحافر وقولا له إنك إن أسلمت أعطيتك ماتحت يديك وملكتك على قومك من الأبناء . ثم أعطى " خرخسرة " منطقة فيها ذهب وفضة كان أهداها له بعض الملوك فخرجا من عنده حتى قدما على باذان فقال والله ما هذا بكلام ملك وأني لأرى الرجل نبيا كما يقول ولتنظرن ما قد قال فلئن كان هذا حقا ما فيه كلام أنه لنبي مرسل . وإن لم يكن فسنرى فيه رأينا
اسلام باذان
لم ينشب باذان أن قدم عليه كتاب شيرويه وهو :
أما بعد فأني قد قتلت كسرى ولم أقتله الاغضبا لفارس لما كان استحل من قتل أشرافهم وتجميرهم في ثغورهم فإذا جاءك كتابي هذا فخذ لي الطاعة ممن قبلك وانظر الرجل الذي كان كسرى كتب فيه إليك فلا تهجه حتى يأتيك أمري فيه
فما انتهى كتاب شيرويه إلى باذان قال إن هذا الرجل لرسول فأسلم وأسلمت الايناء معه من فارس من كان منهم باليمن فكانت حمير تقول لخرخسرة ذو المعجزة للمنطقة التي أعطاه أياها رسول الله صلى الله عليه وسلم والمنطقة بلسان حمير المعجزة فينوه اليوم ينسبون إليها خرخسرة ذو المعجزة . وقد قال بابويه لباذان ما كلمت رجلا قط أهيب عندي منه . فقال له باذان هل معه شرط ؟ قال لا
ثم ملك الله المسلمين ملك كسرى وخزائنهم وأموالهم في خلافة عمر رضي الله عنه ومزقهم الله كل ممزق تحقيقا لدعوته صلى الله عليه وسلم
- 4 - كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس عظيم القبط ( 1 )


- بعث صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه إلى المقوقس . وذلك أنه صلى الله عليه وسلم عند منصرفه من الحديبية قال أيها الناس أيكم ينطلق بكتابي هذا إلى صاحب مصر وأجره على الله ؟ فوثب إليه حاطب وقال أنا يا رسول الله فقال بارك الله فيك يا حاطب وهذا نص الكتاب :
( بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله ورسوله إلى المقوقس عظيم القبط . سلام على من اتبع الهدى . أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام
أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فعليك إثم كل القبط يأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون )
وهذا الكتاب محفوظ بدار الآثار في الأستانة قيل عثر عليه عالم فرنسي في دير بمصر قرب أخميم في زمن سعيد باشا
فسار حاطب بالكتاب حتى قدم على المقوقس إلى مصر فلم يجده فذهب إلى الاسكندرية وأعطاه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فضمه إلى صدره وجعله في حق عاج ودعا كاتبا له يكتب بالعربية فكتب :
( إلى النبي صلى الله عليه وسلم . بسم الله الرحمن الرحيم لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط . سلام عليك . أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه وما تدعوا إليه وقد علمت أن نبيا قد بقي وقد كنت أظن أنه يخرج بالشام ) وذكر له ما كان من اكرامه لحاطب وقيل أنه دفع له مائة دينار وخمسة أثواب ودعا رجلا عاقلا فلم يجد بمصر أحسن ولا أجمل من مارية ( مريم ) وأختها سيرين وهما من أهل حفن من كورة أنصا
قرية بصعيد مصر ( 2 ) فبعث بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهدى له بغلة وعسلا من عسل بنها . وقيل بعث له غير ذلك عشرين ثوبا من قباطي مصر وطيبا وعودا ومسكا . ولكنه لم يسلم وقد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الهدايا فأخذ مارية لنفسه وأهدى سيرين لحسان بن ثابت وهي أم عبد الرحمن بن حسان والبغلة تسمى " الدلدل " وكانت شهباء ولم يكن في العرب يومئذ بغلة غيرها ودعا في عسل بنها بالبركة
وقد ذكر المرحوم حفني ناصف بك أصناف الهدايا التي أرسلها المقوقس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي ( 3 ) :
- 1 - مارية بنت شمعون وكانت أمها رومية
- 2 - جارية أخرى يقال لها سيرين ولكنها أقل جمالا من مارية
- 3 - جارية أخرى يقال لها قيسر
- 4 - جارية سوداء يقال لها بريرة
- 5 - غلام أسود يقال له هابو
- 6 - بغلة شهباء وهي التي سميت بدلدل
- 7 - فرس مسرج ملجم وهو الذي سمى بميمون
- 8 - حمار أشهب وهو الذي سمى بيعفور
- 9 - مريعة فيها مكحلة ومرآت ومشط وقارورة دهن ومقص وسواك
- 10 - جانب من عسل بنها
- 11 - ألف مثقال من الذهب
- 12 - عشرون ثوبا من قباطي مصر
- 13 - جانب من العود والند ( 4 ) والمسك
- 14 - قدح من قوارير
ويقال أنه كان من ضمن الهدية طبيب فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " أرجع إلى أهلك نحن قوم لان نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع "
وقد أسلمت مارية قبل أن تصل إلى المدينة هوي وسيرين بدعوة حاطب بن أبي بلتعة
_________
( 1 ) اسم المقوقس باللغة القبطية Pkauchios ومعنى المقوقس مطول البناء . وهذا لقب كل من ملك مصر وكان اسم هذا المقوقس جريج بن ميناء
( 2 ) جاء في الحديث الشريف " أهدى المقوقس إلى النبي صلى الله عليه وسلم مارية من حفن من رستاق أنصنا " وفي كتاب الانتصار لابن دقماق : " وأنصنا بلدة قديمة بها آثار عظيمة وكان بها مقياس صغير يقاس فيه ماء النيل وبعضه باق إلى الآن وهي على ضفة النيل الشرقية قبالة الأشمونين وقال : إن الأشمونين ذات كيمان عظيمة وأن بانيها أشموم بن مصر ونقل عن القبط أن أشموم بني سردابا تحت الأرض من الأشمونين إلى أنصنا " وقرية الأشمونين بمديرية أسيوط
( 3 ) راجع مجلة الهلال السنة 41 الجزء الأول ص 78
( 4 ) الند : الطيب غير عربي


مارية القبطية


- كان رسول الله يعجب بمارية القبطية وكانت بيضاء جعدة جميلة فأنزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأختها على أم سليم بنت ملحان فأسلمتا فوطئ مارية بالملك وحولها إلى مال له بالعارية كان من أموال بني النضير فكانت فيه في الصيف وفي خرافة النخل فكان يأتيها هناك وكانت حسنة الدين ووهب اختها سيرين لحسان بن ثابت الشاعر فولدت له عبد الرحمن وولدت مارية لرسول الله غلاما فسماه إبراهيم . وتوفيت في خلافة عمر وكان عمر يجمع الناس بنفسه لشهود جنازتها وصلى عليها


إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم


- لما ولد إبراهيم عق عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة يوم سابعه وحلق رأسه فتصدق بزنة شعره فضة على المساكين وأمر بشعره فدفن في الأرض . وكانت قابلة مارية سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت إلى زوجها أبي رافع فأخبرته بأنها قد ولدت غلاما فجاء أبو رافع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبشره فوهب له عبدا وغار نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتد عليهن حين رزق منها الولد . كانت ولادة إبراهيم في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة ( ابريل 630 م ) وتنافست فيه نساء الأنصار أيتهن ترضعه فدفعه رسول الله إلى أم بردة بنت المنذر بن زيد بن لبيد بن خداش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار وزوجها البراء بن أوس بن خالد فكانت ترضعه


كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي أصحمة


- التجأ المهاجرون الأولون إلى الحبشة فأكرمهم النجاشي وبقوا هنالك آمنين من اضطهاد قريش ولما هاجر رسول الله إلى المدينة عاد أربعون من المهاجرين والتحقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وبقي منهم في الحبشة نحو خمسين أو ستين تحت حماية النجاشي وقد حمل عمرو بن الضمري رسالتين إليه يدعوه في إحداهما إلى الإسلام وفي الأخرى يأمره أن يزوجه أم حبيبة وهذه صورة كتابه صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي الذي يدعوه فيه إلى الإسلام :
( بسم الله الرحمن الرحيم . من محمد رسول الله إلى النجاشي الأصحم ملك الحبشة مسلم أنت ( 1 ) فإني أحمد إليك الله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن وأشهد أن عيسى بن مريم روح اللهش وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصنة فحملت بعيسى من روحه ونفخه كما خلق آدم بيده ونفخه وإني أدعوك إلى الله وحده لاشريك له والموالاة على طاعته وأن تتبعني وتؤمن باللذي جاءني فإني رسول الله وقد بعثت إليك ابن عمي جعفرا ونفرا معه من المسلمين فإذا جاءك فاقرهم ودع التجبر فإني أدعوك وجنودك إلى الله فقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصحي والسلام على من اتبع الهدى )
فما وصل إليه الكتاب وضعه على عينيه ونزل عن سريره فجلس على الأرض ثم أسلم وكتب الجواب للنبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو :
بسم الله الرحمن الرحيم . إلى محمد رسول الله . من النجاشي الأصحم بن أبجر . سلام عليك يا نبي الله ورحمة الله وبركات الله الذي لا إله إلا هو الذي هداني إلى الإسلام . أما بعد فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى فورب السماء والأرض أن عيسى ما يزيد على ما ذكرت . وقد عرفنا ما بعثت به إلينا وقد قرينا ابن عمك وأصحابه فأشهد أنك رسول الله صادقا مصدقا وقد بايعتك وبايعت بن عمك وأسلمت على يديه لله رب العالمين وارسلت إليك يا بني ارها بن الأصحم بن أبجر فأني لا أملك إلا نفسي وإن شئت أن آتيك فعلت يا رسول الله . ( 2 )
قال ابن اسحاق
وذكر لي أن النجاشي بعث ابنه في ستين من الحبشة في سفينة فإذا كانوا في وسط البحر غرقت بهم سفينتهم فهلكوا "
اسلام النجاشي


- إن رواية ابن اسحاق صريحة بأن النجاشي أصحمة أسلم . وقد قرأ جعفر بن أبي طالب عليه سورة مريم وقول عيسى { قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا أينما كنت } الآية . وفي هذه الآية نص عيسى عليه السلام على اثبات عبوديته وقال تعالى { ذلك عيسى بن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ما كان الله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قول الحق الذي فيه يمترون ماكان الله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون } وفي قوله عيسى بن مريم اشارة إلى أنه ولد هذه المرأة وابنها لا أنه ابن الله . وقال عز شأنه { وإن ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مسقيم }
وقد شك بعضهم في إسلام النجاشي لكن المصادر التاريخية المهمة تصرح بإسلامه ( 3 ) وفي قول عمرو بن العاص أنه بايع النجاشي على الإسلام وسيأتي ذكر ذلك في موضعه ومما يقوى اسلام النجاشي أنه كان مسيحيا نسطوريا ( 4 ) ومذهب نسطور قائم على التوحيد وينكر ألوهية المسيح فمن ذلك قوله ( لا تقولوا مريم أم الله لأنها من البشر ويستحيل أن يولد الاله من البشر )
وقد ذكرت أن بحيرا الراهب الذي أكرم النبي عليه الصلاة والسلام عندما رحل إلى الشام وعرفه بعلامات فيه كان متبعا هذا المذهب ونسطور هذا كان رجلا جليل القدر متبحرا في الديانة والذي يدل على مكانته الرفيعة في الدين المسيحي أنه كان بطريرك القسطنطينية من عام 428 إلى 431 م ( 5 ) وكان له أتباع كثيرون من القساوسة لكنه اضطهد لعقيدته ونفى . فإذا كانت عقيدة النجاشي كما علمت هي عقيدة نسطور فالراجح أنه أسلم عندما عرض عليه الإسلام رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأ عليه سورة مريم التي تنطبق على مذهبه ولأن الإسلام يحارب عبادة الأصنام ويدعو إلى التوحيد وينكر ألوهية عيسى عليه السلام ويقر نبوته
وجاء في مسند الشافعي ( من كتاب الجنائز والحدود ) عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاشي اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربع تكبيرات . وهذا دليل على إسلام النجاشي لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي الا على مسلم
_________
( 1 ) أي أنت سالم لأن السلم بمعنى السلامة
( 2 ) راجع ابن اسحاق
( 3 ) راجع سيرة ابن هشام والطبري واسد الغابة ترجمة عمرو بن أمية الضمري
( 4 ) راجع كتاب حياة محمد تأليف ايرفنج Irving وموير الجزء الرابع
( 5 ) راجع دائرة المعارف الإنجليزية


زواج أم حبيبة بنت أبي سفيان برسول الله صلى الله عليه وسلم


- عن محمد بن عمر قال : أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي " أم حبيبة " بنت أبي سفيان ( 1 ) ويبعث إليه مع من عنده من المسلمين . فأرسل النجاشي جارية له يقال لها أبرهة إلى أم حبيبة يخبرها بخطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها فأعطتها أوضاحا لها وفتخا سرورا بذلك وأمرها أن توكل من يزوجها فوكلت خالد بن سعيد بن العاص فزوجها فخطب النجاشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وخطب خالد فأنكح أم حبيبة ثم دعا النجاشي باربعمائة دينار صداقها فدفعها إلى خالد بن سعيد . فلما جاءت أم حبيبة تلك الدنانير جاءت بها أبرهة فأعطتها خمسين مثقالا . وقالت كنت أعطيتك ذلك وليس بيدي شيء وقد جاء الله عز وجل بهذا . فقالت أبرهة : قد أمرني الملك أن لا آخذ منك شيئا وأن أرد إليك الذي أخذت منك فردته وأنا صاحبة دهن الملك وثيابه وقد صدقت محمدا الله وآمنت به وحاجتي إليك أن تقرئيه مني السلام . قالت نعم . وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليك بما عندهن من عود وعنبر فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يراه عليها وعندها فلا ينكره . قالت أم حبيبة فخرجنا في سفينتين وبعث معنا النواتي حتى قدمنا الجار ثم ركبنا الظهر إلى المدينة فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر فخرج من خرج إليه وأقمت بالمدينة حتى قدم رسول الله فدخلت إليه فكان يسائلني عن النجاشي وقرأت عليه من أبرهة السلام فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها . ولما جاء أبا سفيان تزويج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة قال " ذلك الفحل لا يقرع أنفه " ( 2 )
وقد أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم بزواج أم حبيبة بنت أبي سفيان أن يستميل أباها إلى قضيته . وقد كان وصول مهاجري الحبشة إلى المدينة في فصل الخريف في جمادة الأولى السنة السابعة من الهجرة ( أغسطس سنة 628 م ) وفي سيرة ابن هشام أسماء من عادوا من الحبشة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
_________
( 1 ) أمها صفية بنت أبي العاص عمة عثمان بن عفان بن أبي العاص . قيل اسمها ملة وقيل هند وهي أخت معاوية بن أبي سفيان
( 2 ) راجع الطبري الجزء الثالث
_________
- 6 - كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هوذة بن علي الحنفي صاحب اليمامة ( 1 )


- أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا إلى هوذه بن علي الحنفي صاحب اليمامة مع سليط بن عمرو العامري : وهذه صورة الكتاب
( بسم الله الرحن الرحيم من محمد رسول الله إلى هوذة بن على . سلام على من اتبع الهدى واعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر فأسلم تسلم وأجعل لك ما تحت يديك )
فلما قرئ على هوذه كتاب رد ردا لطيفا على سليط . قال الواقدي أن أر كون دمشق الروحي من عظماء النصارى كان عند هوذة فقال له هوذة جاءني كتاب من النبي يدعوني إلى الإسلام فلم أجبه فقال الاركون لم لا تجيبه ؟ قال ضننت بديني وأنا ملك قومي ولئن تبعته لن أملك . قال بلى والله اتبعته ليملكنك وإن الخير لك في اتباعه وأنه للنبي العربي الذي بشر به عيسى بن مريم عليه السلام وأنه لمكتوب عندنا في الأنجيل محمد رسول الله . . وأركون هذا أسلم على يد خالد بن الوليد في خلافة أبي بكر الصديق . ثم أن هوذة كتب للنبي صلى الله عليه وسلم جواب كتابه وقال فيه "
ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله وأنا شاعر قوي وخطيبهم والعرب تهاب مكاني فأجعل لي بعض الأمر أتبعك
وكأنه أرد الشركة في النبوة أو الخلافة بعده صلى الله عليه وسلم . وأجاز سليطا بجائزة وكساه أثوابا من نسج هجر فقدم بكتابه على النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بخبره فلما قرأ الكتاب على النبي صلى الله عليه وسلم قال : " باد وباد ما في يديه "
ولما انصرف رسول الله من الفتح بلغه موت هوذة وقيل أن رسول الله قال : أما اليمامة سيظهر بها كذاب يتنبأ يقتل بعدي
_________
( 1 ) اليمامة بلاد المشرق كثيرة النخيل على نحوست عشرة مرحلة من مكة وهوذة رئيس قبيلة مسيحية وهي بنو حنيفة باليمامة وسليط بن عمرو الذي أرسله النبي صلى الله عليه وسلم كان ممن أسلم قديما وهاجر إلى الحبشة


نتيجة ارسال الرسل إلى الملوك والأمراء


- ذكرنا الكتب التي أرسلها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والأمراء يدعوهم فيها إلى الإسلام بعد صلح الحديبية وقبل فتح مكة ولا شك أن في ذلك قوة عجيبة وشجاعة عظيمة لأن رسول الله وإن كان قد عقد الصلح مع مكة لكنه لم يكن قد تم له فتحها ولم يسلم أهلها وهذه الكتب ليس من السهل ارسالها إلى هؤلاء ولا سيما إلى هرقل وكسرى والمقوقس يدعوهم إلى الإسلام ولو كان غير رسول الله لخشي عاقبة ذلك فإن هؤلاء ملوك أقوياء على تخوم بلاده ولكان ارساله الرسل سابقا لأوانه . الا أن رسول الله ما كان واثقا من قوة رسالته ونصر الله سبحانه وتعالى أقدم على ارسال رسله بقلب ثابت وعزم صادق فكانت النتيجة ما يأتي :
- 1 - أنه صلى الله عليه وسلم تمكن من معرفة هؤلاء الملوك والأمراء نحوه وميلهم إليه فكانت هذه الكتب بمثابة جس نبضهم
- 2 - اسلام باذان أمير اليمن ومن معه
- 3 - إن المقوقس وإن كان لم يسلم ألا أنه أظهر الود بتلطفه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وارساله الهدايا
- 4 - اسلام النجاشي على ما هو مشهور في كتب التاريخ وإن كان لم يستطع حمل شعبة على الإسلام

0 commentaires:

إرسال تعليق