- 38 - علي بن أبي طالب وإسلامه ومقتله


علي بن أبي طالب وإسلامه


- علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد سنة 600 - 601 بعد الميلاد . وأم علي فاطمة بنت أسد بن هاشم وكنيته أبو الحسن وصهر رسول الله على ابنته فاطمة وأبو السبطين . وهو أول هاشمي ولد بين
هاشميين . والخليفة الرابع وأول خليفة من بني هاشم وكان حين أسلم لم يبلغ الحلم . وقال ابن اسحاق أنه كان يومئذ ابن عشر سنين وكان في كفالة النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يوحى إليه لأن قريشا أصابتهم أزمة شديدة وكان أبو طالب كثير العيال قليل المال فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وضمه إليه وأخذ العباس جعفرا وضمه إليه تخفيفا عن أبي طالب ولم يزل جعفر عند العباس حتى أسلم واستغنى عنه
وسبب إسلامه أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ومعه خديجة رضي الله عنها وهما يصليان سواء . فقال ما هذا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دين الله الذي اصطفاه لنفسه وبعث به رسله فأدعوك إلى الله وحده لا شريك له وإلى عبادته والكفر باللاة والعزى . فقال علي رضي الله عنه : هذا أمر لم اسمع به قبل اليوم فلست بقاض أمرا حتى أحدث أبا طالب . وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفشي سره قبل أن يستعلن أمره . فقال له يا علي إذا لم تسلم فأكتم هذا فمكث على ليلته ثم أن الله تعالى هداه إلى الإسلام فأصبح غاديا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم على يديه ( 1 ) . وكان علي رضي الله عنه يخفي إسلامه خوفا من أبيه إلى أن أطلع عليه وأمره بالثبات عليه فأظهره حينئذ . أما أبو طالب فلم يرض أن يفارق دين أبائه وعن أنس بن مالك قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأثنين وأسلم علي يوم الثلاثاء . وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضطجع على فراشه ليلة خرج مهاجرا وقال : إن قريشا لم يفقدوني ما رأوك فاضطجع على فراشه وسيأتي ذكر ذلك عند الكلام على الهجرة ثم لحق برسول الله بالمدينة بعد قضاء ديون رسول الله ورد الودائع التي كانت عنده فلما وصل إليها كانت قدماه قد ورمتا من المشي وكانتا تقطران دما فأعتنقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكى رحمة لما أصاب قدميه وتفل في يديه ومسح بهما رجليه ودعى له بالعافية فلم يشتكهما حتى أستشهد رضي الله عنه . وشهد بدرا وغيرها من المشاهد ولم يشهد غزوة تبوك لا غير لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه على أهله . وأصابته يوم أحد ست عشرة ضربة . وكان علي رضي الله عنه مع شجاعته الفائقة عالما . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنا مدينة العلم وعلي بابها " وعن ابن عباس أنه قال : إذا ثبت لنا الشيء عن علي لم نعدل عنه إلى غيره
واستخلف علي رضي الله عنه وبويع له بالمدينة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قتل عثمان وذلك في يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ( 24 يونية 656 )
_________
( 1 ) لم يكن علي رضي الله عنه حين أسلم يبلغ الحلم وكان يومئذ ابن عشر سنين وعلى ذلك لم يعبد الأصنام وقيل كان عمره ثمان سنين


قتله رضي الله عنه


- انتدب ثلاثة نفر من الخوارج : عبد الرحمن بن ملجم المرادي وهو من حمير وعدادة في بني مراد وهو حليف بني جبلة من كندة والبرك بن عبد الله التميمي وعمر بن بكير التميمي وعمر بن العاص ويريح العباد منه . فقال ابن ملجم أنا لكم بعلي وقال البرك أنا لكم بمعاوية وقال عمر بن بكير أنا أكفيكم عمر بن العاص فتعهدوا على ذلك وتعاقدوا عليه وتواثقوا أن لا ينقص منهم رجل عن صاحبه الذي سمى له ويتوجه له حتى يقتله أو يموت دونه . فحددوا ليلة سبع عشرة من رمضان ثم توجه كل رجل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه . فقد عبد الرحمن بن ملجم الكوفة فلقي أصحابه من الخوارج فكاتمهم ما يريد وكان يزورهم ويزورونه فزار يوما نفرا من بني تيم الرباب فرأى امرأة منهم يقال لها فطام بنت سنحبه بن عدي بن عامر بن عوف بن ثعلبة بن سعد بن ذهل بن تيم الرباب وكان عليا قتل أباها وأخاها بالنهروان فأعجبته فخطبها . فقالت لا أتزوجك حتى تسنى لي فقال لا تسأليني شيئا إلا أعطيتك فقالت ثلاثة آلاف وقتل علي بن أبي طالب . فقال والله ما جاء بي إلى هذا المصر إلى قتل علي وقد أعطيتك ما سألت . ولقي ابن ملجم شبيب بن بجرة الأشجعي فأعلمه ما يريد ودعاه أن يكون معه فأجابه إلى ذلك وظل ابن ملجم تلك الليلة التي عزم فيها أن يقتل عليا في صبيحتها يناجي الأشعث بن قيس الكندي في مسجده حتى يطلع الفجر فقال له الأشعث فضحك الصبح فقام ابن ملجم الكندي وشبيب بن بجرة فأخذا أسيافهما ثم جاءا حتى جلسا في مقابل السدة التي يخرج منها علي . فلما خرج أعترضه الرجلان فضرب الأثنان سيفهما فأما سيف ابن ملجم فأصاب جبهته إلى قرنه ووصل إلى دماغه وكان قد سن سيفه شهرا . وأما سيف شبيب فوقع في الطاق فسمع علي يقول لا يفوتنكم الرجل وشد الناس عليهما من كل جانب فأما شبيب فأفلت وأخذ ابن ملجم فأدخل على علي فقال " أطيبوا طعامه وألينوا فراشه فأن أعش فأنا ولي دمي عفو أو قصاص وإن مت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين " . ضرب علي رضي الله عنه في السابع عشر من شهر رمضان سنة أربعين ( 24 يناير سنة 661 ) واستشهد بعد ذلك بثلاثة أيام ودفن في الكوفة ليلة الأحد التاسع عشر من رمضان وغسله الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر . وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة على الأصح وكانت خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر
قال علي الباقر : كان علي آدم اللوم مقبل العينين عظيمهما ذا بطن . أصلع . ربعة لا يخضب . وقال أبو اسحق السبيعي رأيته أبيض الرأس واللحية وكان ربما خضب لحتيه . وقال أبو رجاء العطاردي رأيت عليا ربعة . ضخم البطن . كبير اللحية . قد ملأت صدره . أصلع . شديد الصلع
هذا وقد أقتصرت في تاريخ حياة علي رضي الله عنه على هذا القدر الضروري لأن المقام لا يسع أكثر من ذلك والله أرجو أن يوفقني في المستقبل إلى البحث بالتفصيل عن سير هؤلاء الأبطال ومناقبهم

0 commentaires:

إرسال تعليق