س73: ما اعتقاد شيوخ الشيعة في الإيمان بالركن الثالث وهو الإيمان بالكتب؟


ج: فيه مسألتان:
المسألة الأولى: يُؤمن شيوخ الشيعة: بأن الله أنزل كتباً على أئمتهم؟ منها:
1- مصحفُ علي رضي الله:

قال شيخهم الخوئي: (إن وجود مصحف لعلي عليه السلام يُغاير القرآن الموجود في ترتيب السور، وفي اشتماله على زيادات ليست في القرآن مما لا ينبغي الشكُّ فيه..)([1]).
2- كتاب علي رضي الله عنه:
ووصفته رواياتهم بأنه: (مثل فخذ الرجل مطوي)([2])، وأنه (خُطٌ عليِّ عليه السلام بيده، وإملاء رسول الله)([3]).
3- مصحف فاطمة رضي الله تعالى عنها:
رووا عن علي بن سعيد عن أبي عبد الله رضي الله عنه، قال.. (وخلّفت فاطمة ع، ما هو قرآن، ولكنه كلامُ الله أنزله عليها، إملاءُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وخط علي عليه السلام)([4]).
وفي رواية: (مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرّات، والله ما فيه من قرآنكم حرفٌ واحد، قال قلتُ: هذا والله العلم،قال: إنه العلم وما هو بذاك)([5]).
تعارض: في رواية مناقضة: (مصحف فاطمة ع، ما في شيء من كتاب الله، وإنما هو شيءٌ أُلقي عليها)([6]).
تناقض: رووا عن أبي بصيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث طويل: (ثمّ أتى الوحيُ إلى النبي ص، فقال: سألَ بعذاب واقع للكافرين بولاية عليُّ ليس له دافعٌ، من الله ذي المعارج، قال قلتُ: جعلتُ فداك إنا لا نقرؤها هكذا، فقال: هكذا والله نزل بها جبرئيل على محمد ص، وهكذا والله مُثبتٌ في مصحف فاطمةع)([7]).
وأمّا عن كيفية نزول المصحف:
 فإليكم هذه الرواية عن أئمة الشيعة في الوصف الدقيق لمصحف فاطمة رضي الله عنها المزعوم: (عن أبي بصير سألت أبا جعفر محمد بن علي عن مصحف فاطمة، فقال: أُنزل عليها بعد موت أبيها قلت: ففيه شيء من القرآن، فقال: ما فيه شيء من القرآن، قلتُ: فصفه لي، قال: دفتان من زبرجدتين على طول الورقة، وعرضه حمراوين، قلتُ: جُعلتُ فداك فصف لي ورقة، قال: ورقُه من درّ أبيض، قيل له: كن فكان، قلتُ: جُعلت فداك فما فيه، قال: فيه خبرُ ما كان، وخبرُ ما يكونُ إلي يوم القيامة، وفيه خبرُ سماء سماء، وعددُ ما في السموات من الملائكة وغير ذلك، وعددُ كل من خلق الله مرسلاً وغير مرسل، وأسماؤهم وأسماء من أُرسل إليهم، وأسماءُ من كذّب وأجاب، وأسماءُ جميع من خلق الله من المؤمنين والكافرين من الأولين والآخرين، وأسماءُ البلدان وصفةُ كل بلد في شرق الأرض وغربها وعددُ ما فيها من المؤمنين وعدد ما فيها من الكافرين وصفةُ كل من كذّب وصفة القرون الأولى وقصصهم، ومن ولي من الطواغيت ومدّة ملكهم وعددهم وأسماء الأئمة وصفتهم وما يملك كل واحد واحد، وصفة كبرائهم، وجميع من تردّد في الأدوار، قلتُ: جُعلتُ فداك، وكم الأدوار، قال: خمسون ألف عام، وهي سبعة أدوار، وفيه أسماء جميع ما خلق الله وآجالهم، وصفة أهل الجنة وعدد من يدخلها، وعدد من يدخل النار، وأسماء هؤلاء وهؤلاء، وفيه علم القرآن كما أُنزل، وعلم التوراة كما أُنزلت، وعلم الإنجيل كما أُنزل وعلم الزبور، وعدد كل شجرة ومدرة في جميع البلاد..)([8]).
فيا تُرى كم سوف يكون هذا المصحف الخرافي الكبير من مجلد وورقة؟
بل ويقول الراوي: (إن إمامهم قال: (وما صفتُ لك بعد ما في الورقة الثانية، ولا تكلّمت بحرف منه)([9]).
4- كتابٌ أُنزل على الرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يأتيه الموت:
روى شيخهم عن أبي الصادق رضي الله عنه قال: (إنّ الله عز وجل أَنزل على نبيه كتاباً قبل أن يأتيه الموت، فقال: يا محمد، هذا الكتابُ وصيّتك على النجيب من أهل بيتك فقال: ومن النجيب من أهلي يا جبرائيل؟ فقال: علي بن أبي طالب عليه السلام، وكان على الكتاب خواتيم من ذهب، دفعه النبي ص، إلى عليّ ع، وأمره أن يَفُكَّ خاتماً منها ويعمل بما فيه، ففكَّ ع، خاتماً وعمل بما فيه، ثم دفعه ع، إلى ابنه الحسن ع، ففكّ خاتماً.. ثم كذلك أبداً إلى قيام المهدي ع)([10]).
التعليق: ((يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ)) فالرسول صلى الله عليه وسلم هنا كما يزعمون يسألُ: من هو النجيب، فهو صلى الله عليه وسلم لم يعرفه حتى نزل به الموت! فهذا يعني أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم كما في روايتهم هذه لم يُعلن للناس من هو النجيب الوصي من أهله بل لم يعرف ذلك إلا عند وفاته صلى الله عليه وسلم ((فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ)) [الحشر:2].
5- لوح فاطمة رضي الله تعالى عنها:
وهو في اعتقاد شيوخهم: كتاب مُنَزلٌ من عند الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم، وأهداه إلى ابنته فاطمة رضي الله تعالى عنها، فرووا عن أبي بصير أن أبا عبد الله سأل جابر بن عبد الله عن لوح فاطمة فقال جابر: (أشهدُ بالله أني دخلت على أمك فاطمة ع، في حياة رسول الله ص، فهنيّتها بولادة الحسين، ورأيتُ في يديها لوحاً أخضر، ظننتُ أنه من زمرُّد، ورأيتُ فيه كتاباً أبيض، شبه لون الشمس.. وفيه أنّ الله قال: إني لم أبعث نبيّاً فأكملتُ أيامه، وانقضت مدّته إلا جعلتُ له وصيّاً وإني فضلتك على الأنبياء وفضَّلتُ وصيَّك على الأوصياء، وأكرمتك بشبليك وسبطيك، حسن وحسين فجعلتُ حسناً معدن علمي بعد انقضاء مدة أبيه.. قال أبو بصير.. لو لم تسمع في دهرك إلا هذا الحديث لكفاك فصنه إلا عن أهله)([11]).
القاصمة الفاضحة:
لقد رووا في هذا الكتاب المزعوم رواية هدّت بنيانهم من القواعد وخرّ عليهم سقف تشيُّعهم، فقد حكموا على أنّ علياً رضي الله عنه ليس من الأوصياء، فقالوا في روايتهم: (دخلتُ على فاطمة ع، وبين يديها لوحٌ فيه أسماءُ الأوصياء من ولدها، فعددتُ اثني عشر آخرهم القائم ع، ثلاثة منهم محمد وثلاثةٌ منهم عليّ)([12]).
6- صحيفة فاطمة رضي الله عنها:
ومن صفتها في اعتقاد شيوخهم كما رووه عن أبي عبد الله بن جابر: (دخلتُ إلى مولاتي فاطمة بنت محمد رسول الله ص، لأهنِّيها بمولد الحسن ع، فإذا بيدها صحيفةٌ بيضاءُ من دُرَّه فقلتُ: يا سيِّدة النسوان ما هذه الصحيفة التي أراها معك، قالت: فيها أسماء الأئمة من ولدي، قلتُ ناوليني لأنظر فيها قالت: يا جابر لولا النهي لكنتُ أفعل، لكنه قد نُهي أن يمسَّها إلا نبيٌّ، أو وصيٌّ نبيّ، أو أهل بيت نبيّ..)([13]).
7- الإثنا عشر صحيفة:
روى شيوخهم عن شيخهم ابن بابويه القمي، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تبارك وتعالى أنزل عليّ اثني عشر خاتماً، واثنتي عشرة صحيفة، اسم كل إمام على خاتمه، وصفته في صحيفته)([14]).
8- صحف علي رضي الله عنه:
ومنها: صحيفة فيها تسع عشرة صحيفة، قد حباها أو خباها رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الأئمة([15]). ورووا أن أبا جعفر ع، قال: (إنّ عندي لصحيفة فيها تسع عشرة صحيفة، قد حباها رسول الله ص)([16]).
9- صحيفة ذؤابة السيف:
عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله: (إنه كان في ذؤابة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيفة صغيرة، فيها الأحرف التي يفتح كلُّ حرف منها ألف باب، قال أبو بصير: قال أبو عبد الله ع: فما خرج منها إلا حرفان حتى الساعة)([17]).
10- الجفر الأبيض والجفر الأحمر:
عن أبي العلاء قال: سمعتُ أبا عبد الله ع، يقول: (إن عندي الجفرَ الأبيض، قال: قلتُ: فأيُّ شيء فيه؟ قال: زبورُ داودَ وتوراةُ موسى وإنجيلُ عيسى وصحفُ إبراهيم ع، والحلالُ والحرامُ، ومصحفُ فاطمة.. وعندي الجفرُ الأحمرَ، قال، قلتُ: وأيُّ شيء في الجفرِ الأحمر: قال السلاحُ؛ وذلك إنما يُفتح للدم يفتحه صاحب السيف للقتل، فقال له عبد الله بن أبي يعفورٍ: أصلحك الله، أيعرفُ هذا بنو الحسن؟ فقال: أيّ والله كما يعرفون الليلَ أنه ليلُ والنهارَ أنه نهارٌ، ولكنهم يحملهم الحسدُ وطلب الدنيا على الجحود والإنكار ولو طلبوا الحقَّ بالحق لكان خيراً لهم)([18]).
11- صحيفة الناموس:
رووا أنّ إمامهم قال: (إنّ شيعتنا مكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم.. ليس على ملّة الإسلام غيرنا وغيرهم)([19]).
12- صحيفة العبيطة:
رووا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (إنّ عندي صحفاً كثيرة... وإنّ فيها لصحيفة يُقال لها العبيطة، وما ورد على العرب أشدّ عليهم منها، وإنّ فيها لستين قبيلة من العرب بهرجة، ما لها في دين الله من نصيب)([20]).
13- الجامعة:
روى شيوخهم عن أبي عبد الله رضي الله عنه قال: (إنّ عندنا الجامعة، وما يدُريهم ما الجامعة! قال قلتُ: جُعلتُ فداك وما الجامعة، قال: صحيفةٌ طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله ص وإملائه من فَلْقِ فيه، وخطٌ عليّ ع بيمينه، فيه كلُّ حلال وحرام، وكل شيء يحتاج الناس إليه حتى الأرش في الخدش..)([21]).
التعليق: إنّ من أغرب الأمور وأنكرها، أن تكون هذه الكتب قد نزلت من عند الله تعالى، واختصَّ بها أمير المؤمنين علي رضي الله عنه والأئمة من بعده، ولكنها تبقى مكتومة عن الأمة، وبالذات عنكم أيها الشيعة سوى قرآن أهل السنة، والذي يعتقد علماؤكم تحريفه ونقصه، فما معنى إذاً إخفاء أئمتكم لهذه الكنوز السماوية عنكم؟ وأخيراً هذه الكتب مخزونة عند مهديكم المنتظر([22]) منذ ما يقارب الألف ومئتي سنة، لماذا؟ لماذا؟.
أفلا تكون هناك أيدٍ خبيثة سبئية يهودية دسَّت هذه الروايات في كتبكم، وكذبتْ على أئمتكم، فنحن نعلم جميعاً أنه ليس للمسلمين إلا كتابٌ واحدٌ هو القرآن، وأمّا تعدُّد الكتب فهو من خصائص اليهود والنصارى! أفلا يكفُّ علماؤكم عن مشابهة اليهود والنصارى.
المسألة الثانية: يُؤمن شيوخ الشيعة (بأنّ جميع الكتب السماوية عند أئمتهم) عقد شيخهم الكليني([23]) باباً بعنوان: (بابُ أن الأئمة ع عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل، وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها) وفيه عدة روايات.


([1]) البيان في تفسير القرآن لأبي القاسم الموسوي الخوئي، (ص:223).
([2]) بحار الأنوار (26/51).
([3]) بصائر الدرجات الكبرى للصفار، (ص:45).
([4]) بحار الأنوار (26/42)، وبصائر الدرجات، (ص:42).
([5]) أصول الكافي (1/239).
([6]) بحار الأنوار (26/48)، وبصائر الدرجات، (ص:43).
([7]) الكافي (8/57).
([8]) دلائل الإمامة لأبي جعفر محمد بن رستم الطبري الشيعي، (ص:27-28).
([9]) دلائل الإمامة (27-28).
([10]) أصول الكافي للكليني (1/580).
([11]) الكافي للكليني (1/527-528).
([12]) الكافي (1/532).
([13]) بحار الأنوار (36/193)، والاحتجاج للطبرسي (2/373)، وعيون أخبار الرضا (24-25)، وإكمال الدين، (ص:178).
([14]) إكمال الدين لابن بابويه، (ص:263)، والصراط المستقيم للبياضي (2/154).
([15]) بحار الأنوار (26/24)، وبصائر الدرجات الكبرى للصفار، (ص:39).
([16]) بحار الأنوار (26/24)، وبصائر الدرجات الكبرى للصفار، (ص:144).
([17]) بحار الأنوار (26/56)، وبصائر الدرجات، (ص:89).
([18]) أصول الكافي (1/20،240).
([19]) بحار الأنوار (26/123)، بصائر الدرجات، (ص:47).
([20]) بحار الأنوار (26/37)، وبصائر الدرجات، (ص:41).
([21]) أصول الكافي (1/239)، وبحار الأنوار (26/22).
([22]) انظر: صرا ط الحق (3/347)، لآيتهم المعاصر محمد آصف المحسني، وأعيان الشيعة (1/154-184) لمحسن الأمين.
([23]) أصول الكافي (1/227). 

0 commentaires:

إرسال تعليق